السؤال
ما حكم التدبر بالقرآن وترك السنة والعكس، وما حكم الدخول في هذه التيارات الجديدة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان السائل يعني بهذه التيارات من يسمون أنفسهم بأهل القرآن وهم ينكرون السنة فحقيقة هؤلاء أنهم يرفضون القرآن ويردونه أيضاً، فإن القرآن هو الذي أمر الله فيه بطاعة رسوله والأخذ بسنته، وهو الذي نص على أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو المبين للقرآن، كما قال تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {النحل:44}، وقد تنبأ الرسول صلى الله عليه وسلم بوجود مثل هذا الصنف المخذول من الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه. رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وأبو داود وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني... وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه حلالا استحللناه وما وجدنا فيه حراماً حرمناه، وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله. رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.
فمنكر حجية السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم كمنكر حجية القرآن ولا فرق، ومثل هؤلاء لا يجوز مصاحبتهم ولا الدخول معهم، بل تجب دعوتهم للحق على من تأهل لذلك من أهل العلم، وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 52104، والفتوى رقم: 31742.
فتدبر القرآن هو الغاية التي من أجلها أنزل، كما قال تعالى: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {ص:29}، ولذلك حثنا الله عليه فقال: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {محمد:24}، وقال عز وجل: أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الْأَوَّلِينَ {المؤمنون:68}، قال السعدي: أي أفلا يتفكرون في القرآن ويتأملونه ويتدبرونه، أي فإنهم لو تدبروه لأوجب لهم الإيمان ولمنعهم من الكفر، ولكن المصيبة التي أصابتهم بسبب إعراضهم عنه، ودل هذا على أن تدبر القرآن يدعو إلى كل خير ويعصم من كل شر. انتهى. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9186، 11144، 25371.
وكذلك تدبر السنة وتفهمها مطلوب، ولا يمكن فهم القرآن فهما صحيحاً كاملا إلا بفهمها، فهي المبينة للقرآن، كما قال تعالى: بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {النحل:44}، وقال تعالى: وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {النحل:64}، وتدبر السنة وفهمها علامة على توفيق العبد وإرادة الخير له من الله، كما قال صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين. متفق عليه.. ومن السنة التي ينبغي تدبرها وفهمها: الأذكار والأدعية ونحوها كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 65923.
فلا بد من تدبر القرآن والسنة جميعاً، إذ هما معاً دين الله قال الله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ {آل عمران:164}.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني