السؤال
أود أن اسألكم سؤالا لم أجد له جوابا واضحا وهو يتعلق بحكم الحائض بالصيام والصلاة.. أنا على علم بأنه لا يجوز للحائض أن تصوم أو تصلي لأن دمها يعتبر نجاسة، ولكن هذه النقطة لم تكن واضحة بالنسبة لي لأنني درست بالجامعة أن دم الحائض هو عبارة عن أوعية دموية والبيوضة هي خلية كأي خلية بالجسم تحتوي على هذه الأوعية إذاً لماذا هذا الدم نجس؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهناك أمور لا بد من تقريرها ليزول عنك الإشكال بإذن الله:
أولها: أن منع الحائض من الصوم والصلاة لا يلزم أن يكون لكون دم الحيض نجساً فقط، بل ربما يكون ذلك لحكم أخرى لعل منها ما يطرأ على المرأة من الضعف بسبب خروج الدم منها أو لحكم أخرى يعلمها الله عز وجل، المهم أن منعها من الصلاة والصيام أمر ثبت في الشرع غير معلل، وبالتالي فهو حكم يجب العمل به سواء وجدت له علة أو لم توجد.
ثانيها: أن هذه النجاسة ليست خاصة بدم الحيض بل الدم كله نجس إذا فارق مقره، وقد نقل الإجماع على ذلك جماعة من أهل العلم الكبار، منهم الإمام أحمد وابن حزم والقرطبي وابن رشد والنووي وابن القيم والحافظ ابن حجر وغيرهم، وانظري لمعرفة أدلة ذلك وتفصيل أقوال الفقهاء وما يُستثنى من ذلك وما يعفى عنه الفتوى رقم: 3978.
ثالثها: أن الحكم على الأعيان بالنجاسة أو الطهارة مرده الأدلة الشرعية، وأما هذه التحليلات المعملية فهي وإن كانت نافعة في بابها فلا دخل لها في الحكم على الأعيان بالطهارة أو النجاسة، والواجب على المسلم التسليم لحكم الله، والامتثال لأمره، فنحكمُ بنجاسة ما حكم الشرع بنجاسته ونحكم بطهارة ما حكم الشرع بطهارته.
رابعها: معرفة حكم الأحكام من الأمور المهمة، وقد أبدع ابن القيم في إعلام الموقعين في تقرير جملة منها ولولي الله الدهلوي في حجة الله البالغة كلام نافع في معرفة بعض أسرار الشريعة، ولكن لا يجوز للعبد أن يتوقف انقياده على معرفة الحكمة، بل لا بد له من الجزم بأن الله لا يشرع شيئاً عبثاً، بل لا بد له من حكمة في كل ما أمر به ونهى عنه، فالحكيم من أسمائه تعالى فإذا ظهرت تلك الحكمة فبها ونعمت وإن لم تظهر فإيماننا باسم الله الحكيم يكفينا في إثبات الحكمة المجملة لأحكام الشرع.
والله أعلم.