الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنتابها الوساوس أنها إن تزوجت فسيتزوج خطيبها بأخرى

السؤال

مشكلتي هي أنه تقدم لي شاب جد متدين ومتخلق ما شاء الله ولكن ذات مرة بدون قصد ناقشت معه التعدد فطلبت منه هل يفكر في ذلك فلم يجبني مباشرة، ولكن حاول إقناعي بالفكرة فأخبرته أنه إن أراد زوجي أن يعدد فلا يمكنني معارضة شرع الله فهو سيكون ابتلاء من الله ولكن إن علمت منذ فترة الخطوبة أنه يفكر في ذلك أو تقدم لي شخص على أن أكون الثانية، فلن أقبل به البتة فلما أحس أنه سيفقدني إن أجابني بنعم قال لي لما عاودت سؤاله لا يعلم فهذا يعتمد حيث إن التعدد ليس بالسهل فيجب العدل ما بين الزوجات فرضيت حينئذ بالجواب ولكن بعد مدة عاودت التفكير فوجدت أن الفكرة في رأسه ومن الممكن أنه كان يقوم بالتعريض فانتابتني الهواجس ووساوس الشيطان فحينما أفكر أنه سيعدد أكتئب ولا أتحمل حتى أن أفكر أن أخرى ستشاركني فيه فأنا أعاني من غيرة مرضية ورثتها من أبي فأنا أغار إن وجدت أعز صديقاتي قد رافقت أخرى وتركتني ولكن أخاف أن أكون أنانية وأحرم أخرى من رزقها لما تعلمون من قلة الزواج في عصرنا فماذا أفعل فأنا أحبه وقد افترقنا لمدة طويلة بسبب بعض المشاكل وقد حزنت حزنا كبيراً لأنني لم أر رجلا في مثل تدينه ولكن أخاف أن أتعذب في حياتي ولا أحقق الهدف الذي أبتغي من وراء الزواج ألا وهو العفة واستقرار النفس فماذا تنصحونني بفعله، وهل أعاود مناقشة هذا الموضوع معه؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أخطأت أيتها السائلة بسؤال زوجك عن رأيه في موضوع التعدد، فما كان لك أن تتعجلي الأمور قبل حدوثها، وطالما أنك مؤمنة بقضاء الله وقدره، وتعلمين أن التعدد هو شرع الله وحكمه، فلو قدر الله سبحانه ذلك عندها عليك أن تجاهدي نفسك وتتصبري لحكم ربك، أما أن تسبقي الأحداث، وتتعجلي البلاء قبل وقوعه فهذا مما لا ينبغي، واعلمي أن التعدد له فوائد كثيرة فكما ذكرت أن الزواج قليل في هذا الزمان نظراً للحاجات المادية المتعسرة لدى كثير من الناس، وكم من امرأة مسلمة تقدم بها السن وتأخر عنها الزواج وتود لو رزقت بزوج يصونها ويرعى أمورها ويقوم على شؤونها، فكيف مع هذه الحاجات نتبع شح النفس ونطيعها في هواها، ونمنع الأزواج القادرين من التعدد بحجة الغيرة، هذا غير مقبول لأن الغيرة التي تضر المسلمين وتحجر على حقوقهم غيرة مذمومة يكرهها الله سبحانه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يكره الله، فأما ما يحب فالغيرة في الريبة، وأما ما يكره فالغيرة في غير ريبة. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

جاء في فيض القدير: وأما المرأة فحيث غارت من زوجها في ارتكاب محرم كزنا أو نقص حق وجور عليها لضرة وتحققت ذلك أو ظهرت القرائن فهي غيرة مشروعة، فلو وقع ذلك بمجرد توهم عن غير ريبة فهي الغيرة في غير ريبة، وأما لو كان الزوج عادلاً ووفى لكل من زوجتيه حقها فالغيرة منها إن كانت لما في الطباع البشرية التي لم يسلم منها أحد من النساء فتعذر فيها ما لم يتجاوز إلى ما يحرم عليها من قول أو فعل، وعليه حمل ما جاء عن السلف الصالح من النساء في ذلك كعائشة وزينب وغيرهما. انتهى.

ولذا فإنا ننصحك بالزواج من هذا الشخص خصوصاً مع ما ذكرت من كونه صاحب خلق ودين، فإنه حتى وإن تزوج بأخرى فسيمنعه دينه إن شاء الله من الظلم والميل والجور.. وللفائدة في الموضوع راجعي الفتوى رقم: 105911.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني