السؤال
الإخوة الأفاضل... جزاكم الله خيراً على ما تقومون به من جهد لإعلاء كلمة الدين وجعل الكلمة الفصل له فيم يعترض الناس من أمور ومشاكل تدعو للخلاف بينهم.
أما بعد.. فبالإشارة إلى الفتوى رقم: 114758 فلدي استيضاح وهو عن أن التعدي والتفريط يعتبر استثناء لعدم الضمان لرأس المال في العقد الصحيح، وهنا أود أن أسأل هل يدخل إيكال الأبناء بالعمل (البيع والشراء مستخدمين رأس المال بحرية) في باب التفريط، وإذا كان أحد الأبناء الموكلين بالعمل, قد اقترض من أناس آخرين بالربا ودفع مبالغ طائلة لهم من مال العمل بموجب اتفاقات القروض التي عقدها, فهل يعتبر هذا من التفريط والتعدي وإذا كان العامل على رأس المال بنى لأحد أبنائه بيتا بمبلغ غير صغير من المال دون احتساب ما إذا كان هذا المبلغ من رأسماله أم من رأسمال المضاربة، فهل يعتبر هذا من التفريط والتعدي، وإذا كان اشترى سيارة حديثة ثم اضطر لبيعها بخسارة بعد استعمالها "لغير أغراض العمل" فهل هذا من التفريط والتعدي، ولا يسعني إلا أن أشكر لكم سعة صدركم واعذروني مرة أخرى إن كنت أتحرى كثيراً في هذا الأمر ولكن عسى أن يكون في هذا مرضاة لله عز وجل وإحقاق للحق ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً وجزاكم الله عنا وعن أمة الإسلام خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمضارب لا يملك ما في يده أصلاً، وإنما يتصرف فيه كوكيل عن أصحاب الأموال الذين يضارب لهم في أموالهم. قال الزيلعي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: اعلم أن ما يفعله المضارب ثلاثة أنواع نوع يملكه بمطلق عقد المضاربة، وهو ما هو معتاد بين التجار كالرهن والارتهان والإيجار والاستئجار للركوب أو الحمل والشراء له.. ونوع لا يملكه بمطلق العقد ويملكه إذا قيل له اعمل برأيك، وهو ما يحتمل أن يلحق به فيلتحق به عند وجود الدلالة، وذلك مثل دفع المال مضاربة، أو شركة وخلط مال المضاربة بماله أو بمال غيره، لأن رب المال رضي بشركته لا بشركة غيره وهو أمر عارض لا تتوقف التجارة عليه فلا يدخل تحت مطلق العقد، ولكنه هو طريق في التثمير فمن هذا الوجه موافق له فيدخل فيه عند وجود الدلالة وقوله اعمل برأيك دال عليه، ونوع لا يملكه بمطلق العقد ولا بقوله اعمل برأيك إلا أن ينص عليه وهو الاستدانة، ..، والعتق على مال وغير مال والكتابة والهبة والصدقة كل ذلك ليس من باب التجارة فلا يملكه إلا بالنص.
ومن هذا النص يمكنك أن تستنتج بنفسك الحالات التي توجب الضمان على صاحبك والحالات التي لا توجبه بحسب ما تم بينكما من الاتفاق.
وعلى أية حال فإن الفصل في مثل هذه النزاعات يكون عن طريق المحكمة الشرعية التي تقف على القضية وتحيط بجميع ملابساتها. وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 77714.
والله أعلم.