الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مازحته خطيبته بالهاتف مزاحا أغضبه فهل يتركها

السؤال

أنا خاطب منذ سنة، وعلاقتي بخطيبتي نشأت من حب عشناه 3 سنوات قبل الخطبة، ولكنه حب شريف ومكتوم، المهم إن العلاقة توترت قبل أربعة شهور بسبب مزحة وهي أن مهند بطل من فم خطيبتي على الهاتف وأنا في غربة ووضعي النفسي محطم المشكلة أني لا أستطيع مسامحتها، ويعلم الله أني حاولت، ولكن كل فترة أتذكر الكلام، فأتمنى أني مت قبلها. مع العلم أن خطيبتي اعتذرت وبكت، وهي تحبني فهل أتركها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

أما ما كان منكما مما تصفه بالحب الشريف المكتوم, فإن كان مجرد حب قلبي لم يصحبه كلام ولا نظر ولا خلوة ولا ما فوق ذلك, فهذا لا إثم فيه إن شاء الله, أما إن كان قد شيب بشيء من ذلك فقد تعديتما المباح إلى ما لا يباح, وهذا يستوجب المبادرة بالتوبة إلى علام الغيوب جل وعلا.

وأما بخصوص العلاقة بين الخاطبين فقد سبق لنا عشرات الفتاوى التي بينا فيها أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته، فلا يحل له النظر إليها ولا الخلوة بها ,ولا أن تحدثه بالهاتف بمفردها دون حاجة, ولا ما وراء ذلك، بل هو كسائر الناس حتى يتم عقد النكاح، وإنما أباح الشارع له أن ينظر إلى من يريد خطبتها أول الأمر ليكون ذلك مرغباً له في نكاحها ومعرفاً له بصفاتها , وهذا إنما يكون مرة واحدة أو مرتين عند الحاجة.

ثم بعد أن يحصل الركون من كليكما لصاحبه فعليك أن تقطع كل اتصالاتك بخطيبتك هذه تماما إلى أن يتم عقد النكاح، إلا أن يكون هناك حاجة للكلام فلا بأس بالحديث حينئذ مع مراعاة الضوابط الشرعية .

ويمكنك أن تراجع في ذلك هاتين الفتويين: 6826، 1151.

ثم عليك أن تتوب إلى ربك مما كان منك من تعد لحدوده وحرماته في تعاملك مع هذه الفتاة، فيما ذكرت من مزاح ونحو ذلك, واتق الله فيما تستقبله من أمرك, واعلم أن الزواج من أعظم نعم الله على العبد، فلا تبدأ هذه النعمة بالمعصية, فإن من يفعل ذلك فهو حري أن يبدل الله عليه النعمة. وكم رأينا من أناس وأناس تزوجوا زوجاتهم بعد علاقات محمومة من الحب والعشق، ثم لم يلبثوا بعد الزواج أن نزل بهم بأس الله، وتحولت حياتهم إلى عداوة وبغضاء, وهم وغم وجحيم لا يطاق، وانتهى الأمر بهم إلى الفراق والطلاق, ومن أعظم أسباب ذلك ما يكون من الخطيبين من تعد لحدود الله قبل زواجهما, وأيضا ما يحدث في الزفاف من تبرج واختلاط وكشف للعورات وسماع للمعازف والمنكرات.

وصدق الله القائل: فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ {الأنعام:44}

أما ما حدث من خطيبتك مما تفوهت به، فهذا يدل على انشغالها بسماع المسلسلات الماجنة الهابطة التي تذهب دين المرأة المسلمة وحياءها وعفتها وأخلاقها, فكان الأحرى بك أن تبحث عن أصل المشكلة لا عن كلمة عابرة خرجت منها وهل فلتات الألسنة إلا دليل على ما حوته القلوب والأفئدة, فالواجب عليك أن تبحث عن أصل الداء، وأن تعلمها في حضور أوليائها وأرحامها أن مثل هذه المسلسلات لا يجوز مشاهدتها وأنها حرام لا خلاف في حرمتها, وأنك تطلب امرأة صالحة قانتة قوامة بأمر ربها، فإن لمست منها استجابة فاقبل معذرتها وتجاوز عن زلتها، وإلا فابحث عن غيرها من صواحب الدين والخلق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني