الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطأ الظن بأن من اقترف سيئة لا يلقى خيرا في حياته

السؤال

أنا عمري 25 سنة، فتاة عشت حوالي 7 سنين أو 8 سنين من عمري في تخبط بين الحلال والحرام، غلط كثير، ولن أكذب ارتكبت جريمة الزنا أكثر من مرة، وأجهضت مرتين من الحمل السفاح، وكنت في كل وقت يحصل لي مشاكل أرجع لربنا، ومن حوالي سنتين جاء شاب جيد وأنا حكيت له عن أني لست بكرا، وهو بصراحة كان طيبا جدا، واحتواني نفسيا لكن طبعا كذلك ارتكبت معه جريمة الزنا، وخطبني وسافر لدولة أوربية، وكانت حوالي سنة ونصف تغيرت فيهم بعض الشيء، وبعد ذلك رجع وكتبنا الكتاب، وبعدها سافر ثانية، وأنا تغيرت نهائيا انتقبت والتزمت وبقيت أحفظ القرآن، وتعرفت على صحبة صالحة، وبقيت لا أخطئ، وتبت والحمد لله وبعد ذلك سافرت له البلد التي هو فيها وبعد 20 يوم بالضبط كانت خلافات ومشاكل، وطبعا عايرنى بالذي يعرفه عني وظروفه المادية تغيرت، ورجعني بيت أهلي في بلدي، رجعت بلدي ولقيت نفسي حاملا وقلت له وقال أحتاج كم شهرا يضبط الماديات ليتسنى له أن يأخذني ثانية. سؤالي بعد كل هذا أنا أكيد إنسانة لست أهلا لأي خير في حياتها، لكن هل أرجع له من أجل هذا الطفل، وكيف أسامحه أن عيرنى بالذي يعرفه عني. هل يوجد أمل أني أظل معه، أنا تغيرت والله وأصبحت إنسانة جيدة والحمد لله. وأنا أريد أن أعرف ماذا أعمل في حياتي؟ أرجوكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن فضل الله عليك أن وفقك للتوبة مما قارفتيه من ذنوب كبيرة وجرائم شنيعة، وقد كان عليك أن تستري على نفسك، ولا تخبري أي أحد بما حدث، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.

وقد كان ينبغي لزوجك ألا يعيّرك بذلك ما دمت قد تبت واستقمت، لكن عليك أن تتغاضي عما بدر منه، ولا تقصري في حقه، وأن تعاشريه بالمعروف، وتتعاونا على طاعة الله، واعلمي أنه من الخطأ أن تظني أنك لن تلقي خيراً في حياتك بسبب ما كان منك، فما دمت قد تبت توبة صادقة، بشروطها المعلومة والمبينة في الفتوى رقم: 60384، فإن التوبة تمحو ما قبلها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.

بل إن الله تعالى بكرمه وسعة رحمته يبدل السيئات حسنات،، قال تعالى: إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70}

فأكثري من الأعمال الصالحة والإلحاح في الدعاء، وأحسني الظن بالله، فهو سبحانه عند ظن عبده، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي، وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي، وَاللَّهِ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بِالْفَلاَةِ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَىَّ يَمْشِى أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ. رواه مسلم.

وراجعي الفتوى رقم: 22964، والفتوى رقم: 902.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني