الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتفع بورق أتى به أبوه من عمله فماذا عليه

السؤال

في أحد الأيام جاء أبي بورق من المكان الذي يعمل فيه، وأعطانيه لكي أستعمله، ثم تبت من هذا والحمد لله. واشتريت مجموعة من الورق وأردت أن أعطيها لأبي ليرجعها لمكان عمله، ولكن استشرت أمي وأخبرتني أن أبي سيغضب ويعتبرها إهانه –أي كأنني أتهمه بالسرقة فثبطتني عن هذا العمل- ثم قررت أن أتبرع بقيمة الورق لأحد المساجد في طور الإنجاز، وقد فعلت. فهل هذا يجزئ، مع العلم أنني لم أحاول أن أرجع الورق لمكان العمل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخلو هذا الورق الذي جاءك به أبوك من جهة عمله من أمرين:

الأول: أن يكون مأذونا له في أخذ هذا الورق، فإن الكثير من جهات العمل تسمح لموظفيها بذلك مما تستغني عنه أو تعطيه لهم على سبيل الهدية ونحوها. وفي هذه الحالة فلا حرج عليك في أخذ هذه الأشياء، سواء كانت ورقا أو غيره.

الثاني: أن يكون قد أخذه بدون إذن منهم، فهذا الأخذ حينئذ محرم لأن الموظف في جهة ما مؤتمن على ما تحت يده من أدوات وغيرها، فيجب عليه أن يحافظ عليها، ولا يستعملها إلا في مصلحة العمل، فإن خالف ذلك فقد قصر في حفظ الأمانة ورعايتها، وقد قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}

فإذا كان أبوك قد أخذها دون إذن، عند ذلك ينبغي أن تعلمه بحكم الشرع في هذا إذا غلب على ظنك أنه سيتذكر ويتوب، إذ لا يجوز لك تركه هكذا دون نصيحة لئلا يتكرر ذلك منه مستقبلا. ويجب عليك أن ترجع الورق أو قيمته إلى جهة العمل، ولا تبرأ ذمتك بغير ذلك لا بالتصدق بها في مسجد ولا على المساكين ولا في غير ذلك من وجوه البر.

ولا يشترط في ردها علم أبيك، بل يمكنك أن تذهب بها بدون علمه. أما إذا لم تتمكن من ذلك كله، فنرجو أن يبرئ ذمتك ما قمت به من صدقة في بناء المسجد، مع كثرة الاستغفار والتوبة إلى الله سبحانه.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني