الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصح الأب المصر على شرب الخمر وبيعها

السؤال

عمري 23 سنة، طالب هندسة، صاحب شركة، أستطيع أن أقول إني صاحب مكانة اجتماعية عالية، ولدي علاقات وأصدقاء في طبقات تعتبر الأولى في عصرنا، أنا ملتزم في صلاتي، وبعيد كل البعد عن المعاصي، ومن فتن الزمان والحمد لله أحاول أن أكرس جهدي فقط في العمل بما يرضي الله، والدتي امرأة يضرب بها المثل من الأمهات الصابرات، وبجهدها ورعايتها لي ولإخوتي استطعنا ان نكون في أعلى مستوى، أنا أدرس الهندسة ولي أخت أكبر مني خريجة هندسة، ولي أخت ثالثة في مرحلة الثانوية، الحمد لله نحن متفوقون في كل شيء العلم والدين، لكن المصيبة التي ابتلينا بها هي أن أبي كان من الرجال الذين يضرب بهم المثل لكرمه وأخلاقه وصبره وجهده ورعايته، لكن كان يشرب الخمر، لكن لا أحد أو القليل الذين يعرفون بذلك، لأنه كان يرجع متعبا من العمل، خروجه من الفجر الى الليل، فيرجع ويشرب القليل فقط يخدر جسمه كما أظن؛ لأني والشهادة لله لم أرى أبي يوما سكران أو مترنحا، لكن الآن زاد البلاء، أبي الآن يبيع الخمر، والله يا مشايخي عملت كل شيء لأمنعه كلمته بلطف وأدب، نصحته قلت له إن اصدقائي الذين يحترمونني فقدت احترامهم، فقدت الكثير من أصدقائي بسببه، ساءت كل أحوالي، كل أعصابي تدمر، وقفت وكلمت كل من يأتي ويشتري منه الخمر لأمنعه من القدوم. منهم من اقتنع ولم يأت، ومنهم من هداهم الله وامتنعو عن الشرب وتابو إلى الله، ومنهم من انقطع عن المجيء إلى أبي، لكن أبي هو الذي يدعوهم إلى القدوم له، قررت أن أترك المنزل، وقف في وجهي ووعدني بأن يترك هذ العمل، تركه فترة قليلة وعاود عليه وكأنه تسحر عيناه عندما يرى ما يربحه من هذ البيع جميع ما تتصورونه فعلته. أسألكم بأي نصيحة او أي عمل أعمله لكي أمنعه من ذلك. وأسألكم الدعاء. وأرجو الرد بأسرع وقت. وشكرا لتعاونكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخفى على مسلم أن شرب الخمر وبيعها من أكبر الكبائر التي توجب لعنة رب العالمين جل جلاله، ولا فرق في التحريم بين قليلها وكثيرها، فشرب القطرة الواحدة منها حرام، وإن لم يكن لها تأثير البتة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ما أسكر كثيره فقليله حرام. رواه أبو داود وغيره، وقال الألباني: صحيح. وجاء في التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي: فالقطرة من المسكر حرام وإن لم تؤثر. انتهى.

فالذي ننصحك به هو أن تحاول مرة أخرى، وأن تكرر لأبيك الوعظ والنصيحة مشافهة تارة، وتارة أخرى بإهداء بعض الكتيبات والشرائط التي تتحدث عن إثم الخمر وإثم شاربها وبائعها، وأن تدله على بعض أهل العلم والخير والدعوة إلى الله جل وعلا، وتدلهم عليه ليكونوا صحبة صالحة له، يعينونه على طاعة الله وعلى ترك هذه المعصية الشنيعة.

فإن لم يستجب لك مع ذلك كله، ورأيت أن تركك للبيت قد يكون زاجرا له عن فعله فاهجر المنزل، وامتنع – مع ذلك - عن أخذ شيء من أمواله التي يكسبها من بيع الخمر، فإنها أموال محرمة لا يجوز الانتفاع بها، ولعل ذلك يكون زاجرا له أيضا .

فإن لم يستجب مع هذا كله، فقد أديت ما عليك، ولم يبق إلا الدعاء والتضرع لله سبحانه أن يهديه ويصرف عنه شياطين الإنس والجن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني