الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جواب شبهة حول الدعاء على الكفار

السؤال

جال في خاطري التساؤل الآتي ولم أستطع الإجابة عنه، وأنا أبحث عن الاجابة، لعلي أجدها هنا:إن من يحضر أي صلاة من صلوات المسلمين في المساجد يجد أن شيوخ المسلمين قبل أي صلاة أو بعدها أو خلالها يدعون بالرحمة والسلام والهداية للمسلمين عامة. هذا شيء جميل، فالمسلم يستحق الرحمة، والمسلمون الذين يوصلون رسالات ربهم يستحقون السلام أيضا، وواجبهم إيصال الهداية للناس فلا بد أن يهتدوا أصلا. إلا أني لم أجد أي شيخ يدعو للمسيحيين أو اليهود أو الهندوس أو البوذيين؛ فإما يكتفون بعدم ذكرهم أغلب الأحيان، أو يتجهون إلى السب واللعن وتشبيههم بالقردة والخنازير-وأنا هنا لا أقصد الذين يعادون الاسلام والذين يكيدون المكائد له- أنا أتكلم بهذا بعد أن حضرت إحدى صلوات المسيحيين في إحدى الكنائس، واستغربت أنهم ينشدون ويصلون لله من أجل السلام العالمي، من أجل الرحمة لبني البشر كافة، وينهونها بالدعوة لهداية الناس أجمعين للطريق الذي يعتقدون بصحته: طريق المسيح عليه السلام، الذي يدعوهم لمحبة لاعنيهم والذين يعادونهم ومباركتهم. لا أقول أبدا أن دينهم صحيح، وإنني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ولكن أولسنا أحق منهم بالدعاء لصلاح البشرية! أولسنا أفضل منهم ومن المفترض أن نذكرهم في صلواتنا، وأن ندعوا لهم بأن يتبعوا دين محمد صلى الله عليه وسلم. أيفعل شيوخ المساجد ما هو صحيح؟
أسأل الله العلي القدير أن يهدينا وإياكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن أعظم ما يقدمه المسلمون للبشرية هو أن يحسنوا عرض الإسلام عليها، وإن المسلم الحق هو الذي يبذل غاية جهده ليتوجه أهل الأرض أجمعين بقلوبهم لله وحده لا شريك له، وعلى هذا فإن إغفال بعض الأئمة في دعائهم سؤال الله هداية الضالين عمومًا هو تقصير في حق البشرية، بل وتقصير في حق الباري جل وتعالى.

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله أن يهدي المشركين في زمنه؛ شفقةً عليهم ورغبة في إيصال الخير إليهم، وهو المبعوث من أجل جميع البشر لرحمتهم وهدايتهم، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ. {الأنبياء:107}.

لا لطائفة دون طائفة؛ ومن ذلك ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه دعا لقبيلة دَوسٍ ـ وكانوا حينئذٍ كفاراً ـ فقال: اللهم اهدِ دوساً وائت بهم. متفق عليه.

وكما دعا صلى الله عليه وسلم لقبيلة ثقيف: اللهم اهدِ ثقيفاً. رواه أحمد والترمذي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، وقال الأرناؤوط في حديث أحمد: إسناده قوي على شرط مسلم.

وقد كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله، فكان يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم، كما في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي والبخاري في الأدب المفرد وصححه الأرناؤوط والألباني.

ولكن الدعاء للكفار بالرحمة والمغفرة لا يجوز؛ لقوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ. {التوبة:113}. ولعدول النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء بالرحمة للعاطسين من اليهود إلى الدعاء لهم بالهداية.

ولا شك أن الكافر العاقل إذا علم بدعاء المسلم له بالهداية، وشعر منه بالإشفاق والرحمة ومحبة النجاة له فإن هذا يكون من أسباب ترغيبه في التحول إلى الإسلام أو إحسان الظن بالمسلمين إن أصر على كفره.

والذي نريد أن ننبهك إليه هو أن ما تراه من دعاء النصارى لعموم البشر بالبركة والمحبة إلخ، أنه دعاء لا يُسمع منهم ومردودٌ عليهم مضروبٌ به وجوهَهم طالما أنهم يتوجهون به لغير الله كالمسيح ابن مريم أو أمه العذراء أو غيرهما.

ثم إن واقعهم يُكذِّب طقوسهم وأدعيتهم في مراسيمهم وأعيادهم؛ فالقساوسة والحاخامات أكثر الناس حقدًا على المسلمين، وما الحروب الصليبية على بلاد المسلمين قديمًا وحديثًا منك ببعيد، وقد كانت بمباركة أولئك القساوسة.

وأما اليهود فحقدهم على المسلمين لا يحتاج إلى بيان، وكذا الهندوس فإن جرائمهم الفظيعة تجاه المسلمين في الهند وكشمير قد سارت بها الركبان، وقل مثل هذا في البوذيين وما يرتكبون في حق مسلمي بورما وتايلاند وغيرهما.

فلا تغتر بالمظاهر وما يبثه الإعلام العالمي ليروِّج لأصحاب تلك الديانات في بلاد المسلمين.

وننبهك إلى حكم غشيان المسلم الكنائسَ، فانظره في الفتاوى ذوات الأرقام التالية:37925 ، 8327، 37512.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني