الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التحايل لاستخراج سيارة للأم المعاقة

السؤال

لو سمحتم أريد استفسارا لقلقي من هذا الموضوع. أمي عافاكم الله والمسلمين سيدة ابتلاها الله والحمد له وحده لا شريك له ببتر في القدم اليمنى، والدولة مصر يعنى عاملة منحة لمثل هؤلاء يستطيعون أن يحصلوا على سيارة بدون جمارك معفاة منها، يعنى والحمد لله أتينا بالسيارة ولكن أمي لا تقوى على السواقة ولا طاقة لها بها، فان ذلك يشق عليها، فقررنا أن ندفع قيمه الجمارك التي عفيت عن السيارة ونفك حظرها؛ لأقوم أنا ابنها بسواقتها لها، ولكن لكي يتم ذلك لابد من أن تكون أمى معها رخصه قياده لنفسها، وهنا المشكلة حيث لا يوجد مكاتب أو نحن لا نعرف أي مكاتب تعلم السواقة للمعاقين، فلا يوجد أمامنا حل سوى أن نطلع هذه الرخصة بالفلوس فقط لتكون مستندا لكي نفك الحظر عن السيارة، كما ذكرت لحضرتكم، ولن تستخدمها ثانية ولن تسوق بها موضحا لكم أنها لن تأخذ حق أحد، ولا حق ليس لها، فهذه إجراءات الدولة، ولو لم نطلع الرخصة لا يستطيع أحد قيادتها، لأنها بدون رقم فلكي نعلق عليها رقما لابد من أن يكون مع أمي رخصة أيضا، ولا نستطيع بيعها لنفس السبب، فيكمن الحل في رخصة أمي، وإلا سوف تضيع علينا فلوس السيارة هباء منثورا. فهل ذلك رشوة، وماذا نفعل أفادكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالقوانين التي تنظم المرور يجب احترامها لأنها وضعت للمحافظة على أرواح الناس وأموالهم فلها اعتبارها شرعاً، فالأصل عدم جواز التحايل على هذه القوانين ما دامت موضوعة للمصلحة، ولكن يستثنى من ذلك ما دعت إليه الضرورة، فإن كانت هذه السيارة لن تتمكنوا من الانتفاع بها إلا بالاحتيال لاستخراج رخصة لوالدتكم فلا بأس بذلك، ما دام لن يترتب على ذلك ضرر بأحد، لأنها لن تقود هي السيارة كما ذكرت، فيجوز لكم استعمال الحيلة أو المعاريض، وإن لم يتحقق الغرض بذلك جاز لكم الكذب ودفع الرشوة لحفظ مالكم ، وإن كان الأولى ترك ذلك بعداً عن الشبهات ولعدم تعريض النفس للأذى.

قال الإمام النووي في رياض الصالحين : فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحاً كان الكذب مباحاً، وإن كان واجباً كان الكذب واجباً، فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله أو أخذ ماله وأخفى ماله وسئل إنسان عنه وجب الكذب بإخفائه، وكذا لو كان عنده وديعة وأراد ظالم أخذها وجب الكذب بإخفائها، والأحوط في هذا كله أن يوري، ومعنى التورية أن يقصد بعبارته مقصوداً صحيحاً ليس هو كاذباً بالنسبة إليه، وإن كان كاذباً في ظاهر اللفظ، وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب. ولو ترك التورية وأطلق عبارة الكذب فليس بحرام في هذا الحال. انتهى.

ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 117049 .

نسأل الله تعالى أن يرزق أمكم الصبر على ما ابتليت به، وأن يبارك لكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني