الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إنكار الموظفة على زميلتها التي تجالس أجنبيا عنها وتحادثه

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عاما، أعمل في أحد المناطق الأثرية التابعة لهيئة الآثار، ومعي زميلات لي في العمل في سن مقارب لسني، من شهرين انضم إلينا شاب يصغرنا ب 3 سنوات وهو خاطب، كنت أتعامل معه بحرص شديد لطبيعتي الخجولة جدا ولخوفي العام من الرجال والتعامل معهم، وبعد فترة قصيرة وجدت أن إحدى زميلاتي اعتادت أن تتحدث معه بشكل ملحوظ جدا، بل أصبحت تجلس معه في فترات العمل الخاصة به حيث إن ساعات العمل مقسمة إلى فترتين، بل ويمكنها أن تجلس من الصباح الباكر حتى طيلة اليوم لتنتظره وتجلس معه، الأمر الذي لم تفعله معنا نحن بنات جنسها، في البداية اعتقدنا أنها صداقة زائدة فحسب، ولكن الفتاة لم تبتعد عن الشبهات والخلوات بينها وبينه رغم نصائحي المتتالية لها بكل طريقة، ولكنها ترى أنها لا تفعل شيئا خاطئا، ووصل الأمر لكل الموظفين الكبار في المكان، بل وبدأوا يتحدثون عليهم ويخوضون في سيرتهم هي والشاب، ولماذا لا تعود إلى البيت معنا كما نذهب جميعا وتجلس لتنتظره وتخرج وتأتى معه، فليس من المعقول أن كل هذا صداقة فحسب بل لابد أن هناك شيئا آخر، ولقد خفت عليها أكثر من نفسها، وحاولت تنبيهها وتحدثت معها ومعه وجها لوجه حتى يفيق الشاب، ولأنه أيضا مرتبط بفتاة طيبة وحسنة الخلق كما يتحدث عنها فلماذا كل ذلك؟
استجاب لي الشاب ولكنها لم تكترث أيضا بل وهاجمتني أنا وظلمتني، رفيقة سنتين معها في العمل بحجة أنني أصدق ما يقال عليهم وأنني أصبحت مع الكبار عليها، ولكن الشاب يجد أن ما أقوله صحيح وأنه أخطأ ولم ينتبه لدخول الشيطان بينهما فلقد لعب لعبته.
المشكلة الآن في أنني تعبت كثيرا من التحدث معهم، حتى الكبار هناك أحرجوها كثيرا أمامنا أكثر من مرة وتحدثوا معها، ولكنها تجد نفسها مظلومة وكل الناس عليها وتنسى أن كل ذلك يراه الله ومهما أخفت عنا فالله يرى ويسمع، حتى أن الجميع بدأ يبتعد عنها ويتجاهلونها حتى تشعر بخطئها ولكن دون جدوى، وحتى لا يتحدث أحد عليهم كنت أتعمد أنا وزميلاتي أن نجلس معهم حينما يجلسون وحدهم حتى لا يثيرا الشبهات ولا يتكلم عليهم أحد، حاولنا كثيرا بكل الطرق ولكنها مازالت على عنادها وعدم الاعتراف بالخطأ، والآن الموظفون الكبار بدأوا ينتقلون إلينا وزميلاتي، لأننا نجلس معهم ونعلم ما يدور بينهم ونسكت على الخطأ ولا نتجاهلهم، وقالوا لنا إن عقابنا أكبر منهم لأننا كالمتسترين عليهم وأعطونا مثال أخافنا كثيرا، ةقالوا إن الله يغفر للزاني والزانية ولكن عقاب المتستر عليهم أشد، ولكنى حاولت أن أمنع المنكر بلساني كثيرا جدا، وليس بيدي الآن إلا أنا أمنعه بقلبي فلا حيلة لي. وأريد من سيادتكم رأي وحكم الدين في ذلك؟ وهل فعلا لأننا نخاف عليها ولا نريد أن يتكلم عليها أحد بسوء مع أنها عاقلة وتستطيع أن تتحمل مسؤولية أفعالها أصبحنا بنيتنا هذه متسترين عليهم؟ هل نتحمل وزرا على ذلك ؟ وما الحل برأيكم؟ ماذا نفعل معهم ولكي نرضى الله أيضا ونبتعد عن أي شبهات تربطنا بهم ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعمل المرأة إذا اشتمل على خلوة بالرجال الأجانب أو اختلاط لا تؤمن معه الفتنة فهو غير جائز، وانظري الفتويين رقم: 522، 37294 .

أمّا عن سؤالك، فما تفعله هذه الفتاة من الجلوس مع الشاب والكلام معه دون حاجة فهو أمر منكر مخالف للشرع، وسلوك يتنافى مع أخلاق الإسلام وآدابه.

وننبهك إلى أنّ قولك عن علاقتها به: اعتقدنا أنها صداقة، يفهم منه أنّه لا حرج في الصداقة بين الرجال والنساء الأجانب، وهو خطأ، فإن الشرع لا يقر صداقة بين رجل وامرأة أجنبية.

كما أنّ مشاركتك لها بالجلوس مع الشاب لدرء الشبهات عنهما، هو خطأ بلا شك، وإنما الصواب هو تقديم النصح لها وبيان حكم الشرع بعدم جواز إقامة علاقة بين رجل وامرأة أجنبية والكلام معه بدون حاجة، فإذا لم تستجب فعليك هجرها ومقاطعتها إذا رأيت أنّ ذلك قد يردها إلى الصواب.

واعلمي أن الستر على المسلمين مطلوب شرعاً، لكن إذا كان الإنسان يتمادى في الخطأ فالصواب حينئذ إبلاغ من يقدر على تغيير المنكر ومنع هذا الخطأ.

وأمّا ما قاله بعض الناس، إن الله يغفر للزاني والزانية وعقاب المتستر عليهم أشد، فهو غير صحيح، فإنّه وإن كان التستّر على المنكر والفواحش أمر شنيع إلا أنه لا يصل لدرجة الزنى.

والذي نوصيك به هو ترك هذا العمل الذي يختلط فيه الرجال والنساء، وإذا كنت بحاجة للعمل فعليك أن تبحثي عن عمل لا يكون فيه مخالطة للرجال، فإن تعذّر ذلك وكنت بحاجة شديدة للعمل، فالواجب عليك التزام حدود الله والتأدب بآداب الشرع، فإذا احتجت للتعامل مع الرجال الأجانب فالواجب أن يكون ذلك بدون خلوة مع الالتزام بالحجاب الشرعي والحرص على غض البصر، وأن يكون الكلام بجدٍ واحتشام بعيداً عن الليونة والتبسط وإزالة الكلفة وأن يقتصر على قدر الحاجة، وعليك بالحرص على مصاحبة الصالحات وتعلّم ما يلزمك من أحكام الشرع.

وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 78716 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني