السؤال
أنا عراقية، وعندي صديقة من الديانة الصابئية، وكنت أعاملها بحسن ورقة وكل أدب واحترام، وفجأة في ذات يوم جاءت وقالت لي من غير أي شيء مسبق بالتالي:
(إن دين محمد دين باطل ولا وجود لهذه الديانة أساسا وإن القرآن هي خطة إسرائيلية وبدليل أولا أنتم تقولون أن الله يقول (خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) وتعملون الختان.
وقالت لي أيضا إن الله لا يجعل شخصا يعبد الأصنام أربعين عاما وبعدها يجعله نبيا، فأخبرتها عن آيات موجودة في وجود أنبياء ليست منذ الولادة فقالت على حد قولها إنهم كانوا صالحين.
أنا لم أتأثر بها طبعا لأني مؤمنة بالله و بنبوة محمد، وأسأل الله أن يثبتني على الصراط المستقيم، رددت عليها من القرآن بـ (إن جاءكم فاسق بنبأ..........)
ومن ذلك اليوم ابتعدت عن هذه الفتاه، ما حكم هذه الفئة من الناس، أو كيف تردون؟ وهل أنا بحكمي عليها بفاسقة حرام أم حلال؟ علما بأن نيتي كانت ردعها وإيقافها والدفاع عن ديني بلساني؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصابئة اليوم من ملل الكفر بلا شك ولا خلاف، وقد سبق التعريف بهم وبيان بعض عقائدهم وفرقهم وأحكامهم في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 23568، 41042، 30034.
فحكم السائلة على هذه المرأة الكافرة المشككة في دين الحق، بأنها فاسقة، حكم متساهل، بل هي شر من ذلك بكثير.
أما القول ببطلان الإسلام وأن القرآن خطة إسرائيلية، فتهافته لا يحتاج إلى نظر، ولا يقوله إلا جاهل أعمى أو مغرض أفاك.
وقد سبق لنا في كثير من الفتاوى بيان الدلائل والبراهين على صحة دين الإسلام وحفظ القرآن، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 48913، 20984، 8187، 19694.
وأما قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ {التين: 4} فمعناه ـ كما قال البغوي في تفسيره : أي أعدل قامة وأحسن صورة، وذلك أنه خلق كل حيوان منكبًا على وجهه إلا الإنسان خلقه مديد القامة، يتناول مأكوله بيده، مُزَينَّا بالعقل والتمييز. اهـ.
وقال السعدي: أي تام الخلق، متناسب الأعضاء، منتصب القامة، لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهرًا أو باطنًا شيئًا اهـ.
وهناك قول آخر ذكره الطبري فقال: وقال آخرون: بل معنى ذلك: لقد خلقنا الإنسان، فبلغنا به استواء شبابه وجلده وقوّته، وهو أحسن ما يكون، وأعدل ما يكون وأقومه. اهـ.
فأي تناقض بين هذا وبين شريعة الإسلام السمحة في إزالة ما يشوه الخلقة ويضر الإنسان، وهو ما يعرف بسنن الفطرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الآباط. متفق عليه. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 22732. كما سبق بيان أن لا علاقة بين الآية السابقة وموضوع الختان، وكون الختان من تمام الحنيفية السمحة، وذلك في الفتوى رقم: 48068.
وأما مسألة عبادة النبي صلى الله عليه وسلم للأصنام أربعين سنة، فَفِرية بلا مرية، وقد سبق لنا التنبيه على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم قبل نزول الوحي من السجود لصنم في الفتوى رقم: 106775.
ثم ننبه الأخت السائلة على مضرة مصاحبة الكافرين وكذلك الفاجرين، فإن الطبع لص والصاحب ساحب، ولذلك أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتحرى في اختيار الصحبة، ونهانا صلى الله عليه وسلم عن مصاحبة غير المؤمنين ومخالطة غير المتقين، فقال صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواهما أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنهما الألباني.
والله أعلم.