السؤال
يا شيخ أنا رجل من سكان الهند، وعندنا بعض الشيوخ الذين يعلمون الغيب (أعوذ بالله) ولكن أنا قابلت كثيرا منهم. يعني على سبيل المثال ممكن يقول لك ماذا تلبس، وأين تقعد، ومع من قاعد حتى لو كنت في دولة ثانية، أو ممكن يقول لك أسرارا لا يعلمها أحد سواك وسوى الله.
يعني ممكن لو قابلته اليوم ممكن يقولك أنت اليوم دخنت سيجارة في الحمام الساعة 5 ونوع السيجارة، أو ممكن أنت تقول اسم شخص وهو يقول لك أين هو وما لون شعره ولون عينيه وما شابه.
أنا رجل حافظ القرآن والحمد لله، فلما سالت عدة شيوخ في الهند قالوا لي إن هذه دورة يتعلمونها بعد ما الواحد يصير منهم مفتيا، وسألتهم إذا كانت هذه الدورة حلالا أو حراما قالوا لي إنها حلال ؟
أرجو من حضرتك أن تفسر لي كيف يعمل هؤلاء الشيوخ؟ وهل فعلا هناك دورة في الإسلام وبطريقة حلال أو هو تعامل مع الجن؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فادعاء علم الغيب، وتعاطي الأخبار عن المستقبل، ومحاولة معرفة الأسرار كل هذا من الكهانة التي تخرج صاحبها من الملة، وما ذكره السائل الكريم من حال هؤلاء الشيوخ المذكورين لا يكون إلا من إيحاء الشياطين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق وهو العلي الكبير. فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة. فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا. فيصدق بتلك الكلمة التي سمع من السماء. رواه البخاري ومسلم.
فليس هناك دورة تعليمية تؤهل العبد لمعرفة الغيب، وإنما هو سحر وكهانة، وأمثال هؤلاء من أتاهم وصدقهم في قولهم معتقدا علمهم بالغيب، فإنه يكفر كفرا مخرجا من الملة بلا خلاف، وذلك لإشراكه بهم مع الله في علم الغيب الذي استأثر به لنفسه. ومن أتاهم لمجرد السؤال ولم يصدقهم، فهذا لم يكفر لكنه ارتكب كبيرة من الكبائر، وقد يحرم ثواب صلاته أربعين يوما زجرا له على معصيته. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 15284، 29569، 14231.
وقال الله تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْأِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ {الأنعام:128} وقد ذكر المفسرون أن استمتاع الجن بالإنس يكون بعبادتهم إياهم بالذبائح والنذور والدعاء، وأن استمتاع الإنس بالجن يكون بقضاء الجن لحوائج الإنس التي يطلبونها منهم، وإخبارهم ببعض المغيبات التي يطلع عليها الجن في بعض الجهات النائية، أو يسترقونها من السمع، أو يختلقون ذلك ويكذبونه وهو الأكثر.
وأكثر الذين يتعاملون مع الجن ويسخرونهم لخدمتهم في الواقع بعيدون عن الهدى، حائدون عن الصراط، مقارفون للكبائر، كذابون أفاكون دجالون، يبتزون الأموال، ويتعاطون السحر ويتعاملون به.
والله أعلم.