الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مطالبة الأب بإثبات الحق ليس من العقوق

السؤال

إنني امرأة مغتربة، متزوجة ولي طفلان، تركت مالي وأهلي، وتركت الوطن لسوء الأوضاع والحرب فيه. وخولت والدي ببيع داري الموجودة في بلدي، وقد قام والدي ببيع داري وقام بإرسال مبلغ البيع وهو مبلغ مأخوذ منه الكثير، حيث أرسل تفاصيل بأنه تم اقتطاع مبلغ لأجل كذا، ومبلغ لأجل كذا وهكذا، وبما يساوي نصف مبلغ البيع تماما، هذا كله بدون أي إثبات، مع العلم أنه أبلغني بوجود الإيصالات وسوف يقوم بإرسالها ولكن حينما نطالبه بإرسالها يرفض إرسال الإيصالات التي تثبت بيع الدار بهكذا مبلغ، وعندما طالبناه بإرسال الإيصالات المثبت بهن ثمن البيع وثمن ما صرف من ثمن بيع الدار قام بافتعال مشكلة ورفض أن يعطينا الإيصالات، وأخبر الأقرباء والأصدفاء أن لا ابنة له، وأن ابنتي لا تثق بي، وهكذا كلام، وها أنا حائرة ماذا أفعل فهو يرفض الحديث معي ويرفض تزويدي بالإيصالات، ويتجاهل أنني بغربة وأن الدار هذه ثمن للتعب والشقاء المر في بلد الحروب العراق، وأن الدار هذه هي ملك لأطفالي وزوجي الذي تعب كثيرا بجمع المال حتى يشتري الدار، ومن ثم بعناها لنؤمن نفسنا بالغربة والنتيجة لاشيء، وطيلة فترة بقائي في بلدي لا أقطع عنهم المعونات المادية والمعنوية وأقف بجانب أبي وأمي وإخواني، ولحد الآن ورغم ما قام به أحن عليه وأود مصالحته ولكن أريد أن أعلم هل أناصر أبي على مال أولادي وزوجي أم ماذا أفعل ؟علما أننا بحاجة إلى هذا المال وهو مالنا، ولقد علمنا علم اليقيين أنه أخذ من مالنا وبدون وجه حق. وهل أعاقب من الله عز وجل إذا طالبته بالوصولات لأن المال ليس مالي بل مال زوجي وأطفالي؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما قام به أبوك من أخذ مالك ومال زوجك وأولادك حرام لا يجوز، وهو من أكل أموال الناس بالباطل. والواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك وأن يرد عليكم هذا المال.

ولا يجوز لك أن تناصريه على هذا فهو من العون على الإثم، والله تعالى يقول: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة:2}.

ولكم أن تطالبوه بهذه الإيصالات التي تثبت الثمن الحقيقي الذي بيع به البيت ولا يعد هذا من العقوق, بل إن أصر على عدم أداء هذا المال فلا حرج عليك إن رفعت أمره للقضاء, ولا يعد هذا من العقوق, فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي يزيد معن بن يزيد السلمي قال: كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن. قال الحافظ في الفتح: وفيه جواز التحاكم بين الأب والابن، وأن ذلك بمجرده لا يكون عقوقا. اهــ .

ولكنا نرى أن الأولى أن يتولى زوجك هذه الإجراءات وذلك لكي يرفع عنك الحرج في تعاملك مع أبيك لأن أباك له حقوق عظيمة، والخصومات لا تخلو من تنازع وشقاق، وقد يقبل من زوجك في مثل هذا ما لا يقبل منك .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني