السؤال
ما هي الضوابط الشرعية للأذان؟ إذ إننا نسمع مؤذنا يلحن في الأذان حتى يكون أشبه بالموال ـ مع فرق التشبيه ـ وهذا يكون وقعه على أذن المؤمن مؤلم، والمصيبة الأكبر أن البعض صار يعتقد أن الأذان الصحيح هو كذلك، وإنني لم أجد أي محاولة من وزارة الأوقاف لتوعية المؤذنين بكيفية الأذان الصحيح بعيدا عن التلحين والمطمطة المزينة باللحن، أرجوكم توسعوا في الإجابة وسامحوني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ضابط صحة الأذان هو أن يستوفي شروطه التي بينها أهل العلم، فيأتي به المؤذن من غير زيادة ولا نقصان ولا إتيان بما يحيل المعنى، وإن كان الأذان ملحنا صح مع الكراهة، إلا أن يخرجه التلحين إلى حد يحيل المعنى فحيئذ يبطل ولا يصح، قال في الروض المربع مبينا ضوابط صحة الأذان: ولا يصح الأذان إلا مرتبا كأركان الصلاة متواليا عرفا لأنه لا يمكن المقصود منه إلا بذلك فإن نكسه لم يعتد به، ولا يصح الأذان إلا من واحد ذكر عدل ولو ظاهرا، فلو أذن واحد بعضه وكمله آخر أو أذنت امرأة أو خنثى أو ظاهر الفسق لم يعتد به، ويصح الأذان ولو كان ملحنا أي مطربا به، أو كان ملحونا لحنا لا يحيل المعنى، ويكرهان ومن ذي لثغة فاحشة وبطل إن أحيل المعنى. اهـ
وأما التطريب في الأذان والتلحين فيه فقد نص العلماء من مختلف المذاهب على كراهته وليس هو من تحسين الصوت المأمور به في الأذان، فإنه ينافى الخشوع والوقار والهيبة اللائقة بالأذان، ولكن إذا وقع الأذان ملحنا صح ما لم يخرج به التلحين إلى حد يحيل المعنى كما سبق، ونحن نسوق إليك زيادة على ما تقدم طرفا من كلام أهل العلم في بيان كراهة التلحين والتطريب الذي يجعل الأذان أشبه بالغناء.
قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس: ومن ذلك التلحين في الأذان وقد كرهه مالك بن أنس وغيره من العلماء كراهية شديدة لأنه يخرجه عن موضع التعظيم إلى مشابهة الغناء، ومنه أنهم يخلطون أذان الفجر بالتذكير والتسبيح والمواعظ، ويجعلون الأذان وسطا فيختلط، وقد كره العلماء كل ما يضاف إلى الأذان، وقد رأينا من يقوم بالليل كثيرا على المنارة فيعظ ويذكر، ومنهم من يقرأ سورا من القرآن بصوت مرتفع، فيمنع الناس من نومهم، ويخلط على المتهجدين قراءتهم. وكل ذلك من المنكرات. انتهى
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: وَمِنْهَا تَرْكُ التَّلْحِينِ في الْأَذَانِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا جاء إلَى ابْنِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنهما فقال إنِّي أُحِبُّكَ في اللَّهِ تَعَالَى فقال ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما إنِّي أَبْغَضُكَ في اللَّهِ تَعَالَى
فقال لِمَ قال لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُغَنِّي في أَذَانِكَ يَعْنِي التَّلْحِينَ. انتهى.
وقال في مواهب الجليل وهو أحد كتب المالكية المعتمدة: فتحصل من هذا أنه يستحب في المؤذن أن يكون حسن الصوت ومرتفع الصوت، وأن يرجع صوته ويكره الصوت الغليظ الفظيع والتطريب والتحزين إن لم يتفاحش وإلا حرم. انتهى.
وقال الإمام أبو طالب المكي رحمه الله في كتابه: ومما أحدثوه التلحين في الأذان وهو من البغي فيه والاعتداء. انتهى.
ولمزيد الفائدة والإطلاع على كلام أهل العلم في المسألة انظر الفتوى رقم: 35591.
والله أعلم.