الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السفر بقصد القطيعة للوالدين غير جائز

السؤال

أنا متزوج وعندي أولاد، وأعمل في عمل حكومي ولكن المرتب لا يجزئ، وأسكن مع والدي في نفس الشقة لأني لا أستطيع أن أدفع إيجار شقة، وهو أيضا يصرف علينا من ماله ـ على الطعام - وهو يتدخل في كل حياتي الزوجية، وكأني لا كرامة لي، وأنا صبرت كثيرا لأن وضعي المالي صعب، وهو وأمي من ضغطوا علي للزواج ورفضوا أن أسافر لكي أجد عملا جيدا أكسب منه مالا يعينني على حياتي الزوجية، وبعد وفاة والدتي بدأ يتدخل في كل حياتي الزوجية، ويأمر وينهى وكأنه هو المتزوج، وأنا صبرت كثيرا، ولكن في مرة ضاق صدري ونهرته بشدة على تدخله في شئوني الزوجية ، فهل أنا بذلك عاق؟ وهل إذا تركته ورحلت أكون عاقا؟.
مع العلم أنني وحيد لا إخوة لي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فتدخل والدك في شئونك الزوجية ونحو ذلك لا يبيح لك الإساءة إليه أو التقصير في برّه، فإنّ حقّ الوالد عظيم، وقد أمر الله بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك، ونهى عن زجرهما وإغلاظ القول لهما، قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا {الإسراء: 23}.

فما كان منك حين نهرت والدك هو من العقوق الذي حرمّه الله، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من أكبر الكبائر، فالواجب عليك التوبة من ذلك والندم على هذا الفعل والعزم على عدم العود لمثله، وأن تعتذر لأبيك وتطلب منه العفو، وتجتهد في برّه والإحسان إليه، ولك أن تنصحه برفق وأدب أو تستعين بمن يقبل قوله من الأقارب أو غيرهم من أهل الدين لينصحوه بترك التدخل فيما ليس من حقّه في أمورك الزوجية.

أمّا عن انفصالك عنه بالسكن فهو جائز، لكن لا يجوز لك أن تقصر في رعايته وبرّه وطاعته في المعروف، وانظر الفتوى رقم: 72133، وإذا كنت تريد السفر لطلب الكسب، ولم يكن في سفرك تضييع لوالدك، فالسفر جائز، قال الكاساني في بدائع الصنائع: وَكُلُّ سَفَرٍ لَا يَشْتَدُّ فيه الْخَطَرُ يَحِلُّ له أَنْ يَخْرُجَ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا إذ لم يُضَيِّعْهُمَا لِانْعِدَامِ الضَّرَرِ. اهـ

وعلما بأن السفر إذا كان بقصد القطيعة للوالدين أو أحدهما فإنه لا يجوز.

ونذكّر السائل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: رغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخل الجنة. قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: فالسعيد الذي يبادراغتنام فرصة برهما لئلا تفوته بموتهما فيندم على ذلك والشقي من عقهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني