الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا طاعة للوالدين في المعصية ولا فيما فيه ضرر

السؤال

هل أتزوج ثانية لأرضي أمي؟
بعد وفاة أبي رحمه الله قامت أمي - حفظها الله - على تربيتي وأخي خير قيام على مدارعشرين عاما، فأسأل الله أن يجزيها خيرا.
عندما أردت الزواج، سألت عن بعض الفتيات وكان الشرط - بالإضافة إلى صلاح الفتاة - أن نتأكد من أن أمها ليست قاسية أو متعِبة، لأن أخلاق البنت من أخلاق أمها غالبا، تبين لي بعد ذلك عدم سلامة هذا الشرط، لأنه لا تزر وازة وزر أخرى - وما ذنب الفتاة أن تُرفض لأن أمها قاسية؟ المهم قالت أمي إن الأفضل لي أن أتقدم لابنة خالتي فهي التي ستقوم على البيت خير قيام وسترعى أمي وخلافه، وشاء الله أن أتزوج ابنة خالتي التي لا تكافئني علميا ـ وهذا مما يجعلني أحس بنقص شديد في زواجي ـ وإن كنت لا أشكو من زوجتي في الفراش ـ
حدثت بعض المشاكل في البيت كان من سببها أن زوجتي كانت تخبر أهلها عن أمور بيتنا وكانت تشكو من معاملة أمي إياها، مما جعل الأختين ـ أمي وأمهاـ أعداء بعد أن كانتا من أخلص الأخوات وأحبهم لبعضهم بعضا، وتطور الأمر أن شتمني أبو زوجتي وأختها وأمها، ولأنني أخاف قطيعة الرحم تراجعت عن فكرة الطلاق لأنني أعلم أن الطلاق سيكون وبالا على الزوجة وأهلها وعلىّ أيضا، لأنني سأكون غير راض على تحطيم مستقبل الزوجة، وإن سعِدت ظاهريا بالزواج من أخرى تكافئني علميا.
أحاول قدر المستطاع أن أكون بارا بأمي وأن أعاشر زوجتي بالمعروف.
والآن تصر أمي على التزوج من أخرى، بل وتقول أحيانا إنها لن ترضى عني ـ أعلم أنها تقول ذلك من وراء قلبها ـ لكني أخاف أن تكون فعلا جادة، وتقول أيضا: إنني لن أكون من الفائزين إن لم أرح قلبها من الزواج بأخرى وأخفف عنها وطأة المرض الذي ألم بها من جراء زواجي الأول - الذي للأسف كانت سببا فيه - لكن قدر الله نافذ لا محالة.
والسؤال: هل أتزوج لإرضاء أمي؟ وهل سأكون عاقا إن لم أفعل ذلك؟.
أفيدوني رحمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن حق الأم عظيم، وبرّها من أوجب الواجبات، كما أنّ عقوقها من أكبر الكبائر، لكنّ الطاعة الواجبة للأمّ ليست مطلقة، وإنما مقيدة بالمعروف، فلا طاعة في معصية الله، ولا طاعة فيما فيه ضرر، وانظر الفتوى رقم: 76381.

والظاهر أنّ أمّك تأمرك بالزواج رغبة في مغايظة زوجتك وأهلها، فلا يجب عليك طاعتها في ذلك، ولا تكون عاقاً بترك الزواج من ثانية، بل إنك إذا لم تكن قادراً على مؤنة الزواج فلا يجوز لك الزواج من ثانية.

أمّا إذا كنت قادراً على الزواج ومراعاة العدل بين الزوجتين ولم يكن في زواجك ضررعليك، فالأولى أن تطيع أمّك.

والذي ننصحك به أن تجتهد في برّ أمّك والإحسان إليها، وتتعامل مع زوجتك بالحكمة وتسعى في الإصلاح بين أمّك وزوجتك وخالتك.

وننبهك إلى أنّ التكافأ في المستوى التعليمي ليس شرطاً لتحقيق حياة زوجية سعيدة، وإنما المعتبر في الكفاءة بين الزوجين هو: الدين والخلق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني