الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما يفعله أصحابك من السب والشتم والتلفظ بما يسخط الله سبحانه حرام ولو كان بقصد المزاح والمرح، فإن المزاح لا يحل حراما، وكلامهم هذا من حصائد الألسنة التي تكب الناس على وجوههم في النار, فقد قال معاذ: يا نبي الله: وإنا مؤاخذون بما نتكلم به، فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟. رواه الترمذي وصححه الألباني. .
فاحذر ـ رحمك الله ـ مصاحبة أمثال هؤلاء الغافلين، فإن صحبتهم تجرك إلى أفعالهم وتكسبك أخلاقهم، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْينظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، وصححه النووي.
قال المناوي في فيض القدير: خَلِيلِهِ أي صاحبه أي فليتأمل أحدكم بعين بصيرته إلى امرئ يريد صداقته فمن رضي دينه وخلقه صادقه وإلا تجنبه. اهـ.
واعلم أن الابتعاد عن أصحاب السوء نجاة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ {الزخرف:67}.
قال ابن كثير في تفسير الآية أي: كل صداقة وصحابة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله عزوجل، فإنه دائم بدوامه. اهـ.
واعلم أن وجودك معهم على حال المعصية حرام حتى ولو لم تشاركهم فيها، لأن بقاءك معهم على هذه الحال كالرضا بأفعالهم والإقرار لها، وأهل المعاصي لا يجوز إقرارهم على أفعالهم، بل لا بد من إنكارها عليهم, فإن نصحتهم وذكرتهم ولم يستجيبوا لك فانصرف أنت عنهم ولا تجالسهم في مجالسهم هذه.
قال القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسيره: فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكرعليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدرعلى النكيرعليهم فينبغي أن يقوم عنهم. انتهى.
واعلم أنك بفعلك هذا لا تكون متشددا ولا متنطعا، بل تكون سالكا الطريق الوسط، لأن الوسطية المحمودة هي ما وافق الحق والشرع، وكل ما خالف الشرع فهو ضلال.
واعلم أن تحديد الوسطية لا يرجع فيه إلى ما تستحسنه العقول والأذواق ولا إلى ما ترتضيه الأعراف والعادات وإنما يرجع فيه إلى نصوص الشرع وكلام أهل العلم الثقات الذين تلقتهم الأمة بالقبول، وراجع كلامنا في بيان وسطية الدين في الفتاوى التالية أرقامها: 25075, 69083 ، 26673.
وننبهك في النهاية على أن لعب الكرة الأصل فيه الجواز بشروط معينة وهي:
1- ألا تشغل صاحبها عن فرض أو واجب.
2- ألا يصحبها فعل محرم من كشف عورة أو تلفظ بما لا يجوز من السب والشتم.
3- ألا تتحول إلى ملهاة ينقطع لها الشخص ويضيع فيها أوقات دهره.
والله أعلم.