الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الولد من أبيه الذي يضربه بعنف

السؤال

عمري 22 سنة وأبي يضربني ويستقوي علي ـ والضرب مبرح جدا ـ وأحيانا يضربني بالعصا حتى تكاد عظامي تتكسر وأعمامي تكلموا معه في هذا ونصحوه، ولكن لا فائدة ـ حتى إن أبي يتفاخر أحيانا بأنه يضربنا
ولو تسألوني: ما هي أسباب الضرب؟ فالسبب أنه عصبي جدا، وأحيانا يشتمني بشتائم ـ والله الواحد يستحي من ذكرها ـ لكنها لا تقال إلا لأهل الزنا، وفي مرة من المرات ـ لأنني رسبت في امتحان في المدرسة ـ أغلق علي جميع أبواب البيت وصار يضربني بالعصا، وأحيانا يضربني أمام أقاربي ونفسيتي تعبت منه كثيرا، وفي آخر مرة لما أتى ليضربني أمام أولاد عمي قمت ودافعت عن نفسي وضربته وشتمته، وصارت مشكلة كبيرة وبعدها لم يمد يده علي وصار يحسب حسابا قبل أن يغضب أو يخطئ معي ـ وطبعا ـ خرجت من البيت ثلاثة أشهر وبعدها رجعت للبيت وتصالحنا وبعدها غير من تعامله معي ومع إخواني، ولكن لم يتخلص من العصبية تماما وأصبح الوضع أحسن بكثير، وسؤالي هو: هل ما فعلته كان عقوقا لوالدي؟ وإن كان عقوقا فما الذي كان ينبغي علي فعله؟ فهل أتركه يكسر عظامي؟ وهل لوالدي الحق في الطاعة في الأمور التي تخصني وحدي مثل: أن أدرس في الجامعة في تخصص لا أحبه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما قام به والدك من ضربك ضرباً مبرحاً وشتمك بالشتائم القبيحة هو سلوك خاطئ وفعل محرّم وظلم لك، لكنّ ذلك كلّه لا يسوّغ لك عقوقه، وما وقع منك من ضربه وشتمه هو بلا شك من العقوق المحرّم، بل من أكبر الكبائر، وإنّما كان المشروع لك أن تهرب منه أو تفعل ما تتخلّص به من أذاه، لكن دون ضربه وشتمه.

فالواجب عليك التوبة من ذلك والحرص على برّه والإحسان إليه.

وأمّا عن طاعته في الأمور التي تخصّك ولا تنفعه مثل دراسة تخصص معين لا ترغب فيه، فلا تجب عليك طاعته في ذلك، قال ابن تيمية: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ. الفتاوى الكبرى.

لكن ينبغي عليك إقناعه برفق وأدب والاستعانة بمن يقبل نصحه في هذا الأمر.

وانظر الفتوى رقم: 43601.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني