الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ندب الشرع إلى إمساك المرأة ولو كان يكرهها

السؤال

شيخنا الحبيب: أطال الله عمرك ـ أنا شاب عاقد على ابنة عمي ولما أدخل بعد, البارحة أغضبتني مدعية أنني لا أقدم لها من الحب والحنان ما يكفي، مع أنني ـ والله ـ أقدم كل ما أستطيع، ولكنها فتاة غنية مدللة -هداها الله- ولما غضبت عليها كثيراً بعثت لها رسالة قلت فيها -داعيا - يا ستي إن كان كلامك كله غلط - وأقصد ادعاءها عدم الاهتمام بها - وأنا مش مقصر معك بالحب والحنان فالله يحرمك مني وما تشوفيني بعدها أبداً أبداً أبداً ولا نجتمع لا في الدنيا ولا في الآخرة آمين يا من لا إله إلا هو يا حي يا قيوم، وإن كنت مقصرا فعلا الله يريحك ويخليني زي ما بدك بالخير آمين ـ وأنا عندما بعثت لها الرسالة لم أكن أنوي التطليق، وإنما الدعاء فقط، مع أنني ومن فترة أفكر في طلاقها عندما أجمع المال الكافي لسداد مهرها كاملا وهذا عندما أغضب من بعض أخلاقها من غباء ورعونة ودلع شديد -تتدلع علي فقط طبعا- مثلا بعد سنتين أو ثلاثة أو شيء من هذا, ولكن في الأحوال العادية أرجع عن هذا التفكير، لحبي الشديد لها ورحمتي لها، ولأن أخلاقها نادرة في مجتمعنا فتعود حياتنا صافية دون أي عزم على شرور, ولا أخفيك عندما بعثت هذه الرسالة كان هذا القرار في فكري، ولكنني لم أكن عازما عليه، ولكن الغضب أعاده إلى فكري، فهل تكون زوجتي التي عقدت عليها ولم أدخل بها بعد طالقا بهذه الرسالة على الجوال؟ أم ماذا؟.
أفتونا جزاكم الله كل خير. ملاحظة: أنا أعتقد أنني لست مقصراً في حقها فأقل يوم أتصل بها ثلاث مرات وأطمئن عليها، وهي ترى عكس ما أرى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا تعتبر هذه الرسالة طلاقاً، بل ما زالت زوجتك على عصمتك فاستوص بها خيراً وارفق بها، واعلم بأن النساء ناقصات عقل ودين وحق على الرجل أن يراعي هذا فيهن، ولو أن كل إنسان اختلف مع زوجته طلقها لما أمسك أحد زوجته، فأمسك عليك زوجك واصرف عنك همزات الشياطين، واعلم أن الشرع قد ندب إلى إمساك المرأة حتى مع بغضها خصوصاً إذا كانت أحوالها مستقيمة ـ كما ذكرت من حال زوجتك ـ فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.

قال ابن العربي عند تفسيره لهذه الآية: المعنى إن وجد الرجل في زوجته كراهية، وعنها رغبة، ومنها نفرة من غير فاحشة ولا نشوز فليصبر على أذاها وقلة إنصافها، فربما كان ذلك خيراً له. انتهى.

وقال ابن الجوزي في هذه الآية: وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهية لها، ونبهت على معنيين: أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح فرب مكروه عاد محموداً، ومحمود عاد مذموماً.

والثاني: أن الإنسان لا يكاد يجد محبوباً ليس فيه مكروه فليصبر على ما يكره لما يحب. انتهى.

وقد أخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر.

ونذكرك بأن الدعاء على النفس غير جائز، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 10859.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني