الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سفر الولد للعمل وأمه مريضة

السؤال

لدي أم توفيت منذ يومين وكانت قد أجرت عملية جراحية في رأسها، وقد ذهبت لزيارتها ومكث معها شهرين من الزمان وقد فرحت فرح شديداً لما استيقدت من غرفة الإنعاش ورأتني وجلست معها حتى خرجت من المستشفى، وبقيت معها حتى برئت وأصبحت تمشي وحدها، وصمت شهر رمضان كله معها, وكانت أمي تعيش مع أختي، فمكثت معهم المدة التي ذكرتها أنفاً، وحان وقت رجوعي وأنا مقيم في كندا وأحسست وكأن أمي تريد أن أبقى معها وكنت قد أخبرتها أنه لا بد لي من الرجوع لكي أشتغل، وبالفعل رجعت وسهل الله لي برجوعي فوراً إلى العمل, ولكن هيهات هيهات ما مكثت إلا شهراً واحداً وتوفيت أمي، وأنا الآن أعيش حسرة كبيرة, وأحس وكأني تخليت عنها، وأنا واثق وكأنها تريدني أن أبقى معها، والآن أنا حزين على ما فعلت، حتى الذهاب إلى جنازتها لم أوفق إليه لأنه ليس هناك رحلة في يوم وفاتها, وقد دفنها إخوتي، وها هي الآن بين يدي الله، وأنا أدعو لها بالرحمة والغفران ولست أدري أذهبت وهي راضيةٌ عني أم غير ذلك، أصبحت وكأني عبد فارغ، لقد عانت أمي من كل الأمراض، وخاصةٍ في المدة الأخيرة، وقد خطر في بالي وكأن المولى عز وجل أراد أن يطهرها قبل رجوعها إليه وهذا ما أحسست به. أردت فقط منكم الإستشارة هل ما فعلته هو عقوق للوالدين؟ وإذا كان الأمر كذلك ما هي كفارتي بغض النظر عن أنني أدعو لها في سجودي وأتصدق عليها وهذا من واجبي وبارك الله فيكم؟ أردت كذلك من حضراتكم أن تدعو لها الله جل وعلا أن يدخلها فسيح جناته وأن يبدلها دار خير من دارها وأهلاً خيراً من أهلها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يرحم أمك ويسكنها فسيح جناته وأن يتقبل برك بها، فالظاهر من كلامك أنك كنت حريصاً على برها، وما كان منك من تركها والسفر لدواعي العمل ليس فيه عقوق لها، وما تشعر به من التقصير في حقها هو دليل صدق وعلامة خير بإذن الله. فأبشر خيراً ببركة هذا البر في الدنيا والآخرة، واجتهد فيما تقدر عليه من برها فإن الإنسان يمكنه أن يستدرك ما فاته من بر والديه بعد موتهما، وذلك بالدعاء لهما والصدقة عنهما وصلة الرحم وإكرام أصدقائهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني