الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلق امرأته وتزوج بأخرى فندم فهل يرجعها ويطلق الثانية

السؤال

كنت متزوجا ومحروما من الذرية لأربع سنوات ومع ذلك كنت سعيدا وأحب زوجتي وهي ابنة خالتي ورزقت ببنت بعدها ـ ولله الحمد ـ والمشكلة حصلت بعد أن تعرفت على قتاة أثناء عملي احتالت علي وتزوجتها وطلقت زوجتي الأولى ورزقت منها بابنة أيضا، وإلى حد الآن لا أعرف كيف طاوعني قلبي لطلاق الأولى وكنت أحبها حبا جما فبعضهم قال لي إن الفتاة الثانية سحرتني ـ والعلم عند الله ـ المهم أنني بعد زواج الثانية اكتشفت أنها غير صالحة لأي شي ابتداء من تربية ابنتي وحتى تعاملها مع أهلي، وخصوصا أمي فندمت على أنني طلقت الأولى التي كانت أخلاقها عالية جدا وصبرت معي في السراء والضراء وأريد أن أسترجعها، ولكن لا أستطيع أن أبقي اثنتين في ذمتي، لأنني أسكن مع أهلي وظروفي لا تسمح بجمهم معا أو إسكان كل واحدة في بيت، فهل يجوز لي أن أطلق الثانية وأعود للأولى، لكونها أفضل مع استمراري بالصرف عليها، لأنها مهما تكن فهي أم ابنتي الثانية، ولأنني بدأت أكرهها ولا أطيق حتى النظر إليها، وأود أن أرجع الأولى في أسرع وقت؟.
أجيبوني بسرعة أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجوز لك أن تراجع زوجتك الأولى ما دامت في عدتها, وانظر كيفية الرجعة في الفتوى رقم: 54195، فإن كانت قد خرجت من العدة فلك أن تتزوجها زواجا جديدا، وهذا كله ما لم يكن طلاقك لها طلاقا بائنا بينونة كبرى، وإلا فلا يجوز لك أن تتزوج بها إلا بعد أن تتزوج زوجا غيرك ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ثم يطلقها، والأولى أن ترجع زوجتك الأولى حتى تجتمع الأسرة وتنشأ ابنتك بين أبويها، ولكننا لا ننصحك بفراق الثانية، بل نوصيك بالجمع بينهما وأن تصبر على أخلاقها ولا تتسرع في طلاقها مع كثرة النصح والدعاء لها، فقد يغير الله حالها وتسعد معها خصوصا وأن لك منها بنتا كذلك وأنت خبير بما يصنعه الطلاق من تشتيت الولد وضياع مصالحه وأما بخصوص ضيق ذات اليد فهذا يمكن الصبر عليه وقد وعد الله سبحانه أن يجعل بعد عسر يسرا، فقال تعالى: لَايُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق: 7}.

فإن جمعت بينهما في عصمتك فواجب عليك أن تعدل بينهما خصوصا في المبيت والنفقة، فهذا لا يسعك تركه بحال وإلا كنت ظالما، كما بيناه في الفتاوى التالية أرقامها: 118739، 3604، 73149.

لكن إن كانت أمورك لا تسمح بذلك وكنت ستقع في حرج بسبب الجمع بينهما فيجوز لك حينئذ طلاق الثانية خصوصا وأنت تذكر من سوء عشرتها لك ولأهلك ومثل هذه لا حرج في طلاقها, قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني في حكم الطلاق: ومكروه: وهو الطلاق من غير حاجة إليه.

والثالث: مباح، وهو عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض بها. انتهى.

فإن طلقتها فيجب عليك الإنفاق عليها مدة العدة، وإن داومت الإنفاق عليها بعد ذلك فهو خير.

ونفقتك على ابنتك منها واجبة عليك على كل حال.

مع التنبيه على أنه لا يجوز اتهام مسلم بفعل شيء من المعاصي من سحر ونحوه بمجرد الأوهام والشكوك، بل لا بد في ذلك من ببينة ظاهرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني