الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الابن إذا علم أن أباه يقيم علاقة محرمة ويشاهد أفلاما إباحية

السؤال

لقد وجدت في حاسوب أبي ـ اللعين النقال الذي حل مكان الشيطان ـ أفلاما إباحية وكنت قد أنزلت له برنامجا يقوم بحفظ الرسائل المتبادلة بين الطرفين المتراسلين وهو لا يعرف وظيفة هذا البرنامج، فوجدت أنه يتكلم مع شابة ـ وهو متزوج ـ وأعتقد أنها من زبنائه وهي تقطن في مدينة أخرى وأبي يسافر خارج المدينة لأجل التجارة ووجدت صورتها القذرة أيضا في الحاسوب ـ وربي ـ أمي أجمل منها بكثير كالفرق بين الشمس وظلام البحرـ لكن المشكلة في عبارات الكلام والألفاظ التي قد لا تخلو كلمة إلا ويذكران لفظة حبيبي أو يا حبي وزادت صدمتي حين قرأت أن أبي كتب لها ـ لو أنني أستطيع أن أكون معك في الفراش ـ وردت ـ وأنا أيضا أريد تجربة ذلك، لأنني لم أجرب بعد ـ وهذه الكلمات قلتها، لأنني غير معروف عند القارئ، وأمي طبعا لا تعرف هذه العلاقة، لكنها تعرف أنه يتفرج على الأفلام الهابطة التي تتبرج فيها النساء ولا أدري إن كانت تعرف بأنه يدخل على المواقع الإباحية وهناك أخي الكبير قد رأى عنده ـ قبلي ـ فلما قذرا، لكنني لم أخبر أمي، وسؤالي ـ جزاكم الله خيرا: هل أخبر أمي بهذا الأمر؟ أم أستره ـ حتى يزيد في أمره هذا ـ لكي يسترني ربي يوم العرض؟ فأنا محتار الآن وقد فقدت بعض خشوعي في الصلاة بسبب ما علمته، ولم أستيقظ يوم رأيت هذا لصلاة الفجر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فابتداء ننبهك على أنه لا يجوز لك التجسس على أبيك ـ سواء بمطالعة خصوصياته دون علمه أو بدس البرامج التي تحتفظ بالرسائل والمحادثات لتطالعها فيما بعد ـ لأن هذا كله من التجسس, والتجسس حرام، لقوله تعالى: وَلَا تَجَسَّسُوا {الحجرات:12}.

ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه البخاري ومسلم: ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا وكونوا إخوانا.

وعن أبي برزة الأسلمي ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله.

رواه الترمذي، وقال الألباني: حسن صحيح.
وعن معاوية ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم.

رواه أبو داود، وصححه الألباني.

ولكن ما دمت قد علمت هذا من حال أبيك، فالواجب عليك أن تنصح له وأن تعلمه أن هذا الذي يفعله من المحرمات, وأن تذكره بلقاء ربه ووقوفه بين يديه, وبذا تكون قد أديت ما عليك تجاهه، والواجب عليك بعد ذلك أن تستر عليه ولا تفضحه ـ لا عند أمك ولا غيرها ـ فإن ظهر لك فيما بعد ـ دون تجسس ولا تحسس ـ أنه مقيم على هذه المنكرات فعاود تذكيره ونصحه، فإن لم يستجب فيمكنك أن تخبر بذلك من يملك التأثير عليه كبعض إخوته أو أصدقائه ونحوهم من أهل العقل والحكمة والدين, فإن كانت أمك تقدر على منعه فلا حرج عليك من إعلامها ـ إذا أمنت حصول مفسدة كبيرة ـ وراجع الفتوى رقم: 119733.

وفي النهاية ننصحك بالاستعانة بالله سبحانه وكثرة الدعاء لأبيك بصلاح الحال والبال، واحذر أن يستدرجك الشيطان لليأس أو ترك ما أنت عليه من الطاعة والعبادة فهذا من كيد الشيطان ووساوسه.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني