السؤال
سؤالي كالتالي: لدي سلس وقد سبق لي أن عملت لأجله عملية جراحية ولكنها لم تكن ناجحة والسلس لم يتوقف والآن أصلي مع استمرار وجود السلس مع مراعاة الأحكام الخاصة بالسلس فهل عدم إجرائي لعملية أخرى للتخلص من السلس يبطل صلاتي الحالية مع العلم أني أفضل عدم إجراء هذه العملية .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دمت تراعي في وضوئك وصلاتك الأحكام الخاصة بصاحب السلس من الوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها والتحفظ بشد خرقة أو نحوها على الموضع إن أمكن فإن صلاتك صحيحة وليس عليك شيء فإنك قد فعلت ما أمرت به كما أمرت ، وقد قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}
ولا يجب عليك إجراء هذه العملية، ومن ثم فإن بدا لك ألا تجريها فلا جناح عليك، فإن التداوي غير واجب عند جماهير العلماء، ولشيخ الإسلام كلام نفيس في بيان عدم وجوب التداوي ننقله بتصرف من فتاواه رحمه الله.
يقول شيخ الإسلام: كثير من المرضى أو أكثر المرضى يشفون بلا تداو لا سيما في أهل الوبر والقرى والساكنين في نواحي الأرض يشفيهم الله بما خلق فيهم من القوى المطبوعة في أبدانهم الرافعة للمرض وفيما ييسره لهم من نوع حركة وعمل أو دعوة مستجابة أو رقية نافعة أو قوة للقلب وحسن التوكل إلى غير ذلك من الأسباب الكثيرة غير الدواء، والتداوي غير واجب ومن نازع فيه خصمته السنة في المرأة السوداء التي خيرها النبي بين الصبر على البلاء ودخول الجنة وبين الدعاء بالعافية فاختارت البلاء والجنة، ولو كان رفع المرض واجبا لم يكن للتخيير موضع كدفع الجوع، وفي دعائه لأبيٍّ بالحمى، وفي اختياره الحمى لأهل قباء، وفي دعائه بفناء أمته بالطعن والطاعون، وفي نهيه عن الفرار من الطاعون، وخصمه حال أنبياء الله المبتلين الصابرين على البلاء، وخصمه حال السلف الصالح فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين قالوا له: ألا ندعو لك الطبيب؟ قال قد رآني قالوا فما قال لك؟ قال قال إني فعال لما أريد. ومثل هذا ونحوه يروى عن الربيع بن خثيم المخبت المنيب الذي هو أفضل الكوفيين أو كأفضلهم وعمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد الهادي المهدي وخلق كثير لا يحصون عددا ولست أعلم سالفا أوجب التداوي والدواء لا يستيقن بل وفي كثير من الأمراض لا يظن دفعه للمرض إذ لو اطرد ذلك لم يمت أحد بخلاف دفع الطعام للمسغبة والمجاعة فإنه مستيقن بحكم سنة الله في عباده وخلقه. انتهى.
وبه يتبين لك أن التداوي غير واجب، وإن كان مستحبا لما فيه من الأخذ بالأسباب المأمور بها وامتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم به، وأوجبه بعض أهل العلم فيما إذا تيقن المريض حصول الأثر بتعاطيه، وراجع للفائدة في حكم هذه المسألة وخلاف العلماء فيها الفتوى رقم: 27266.
والله أعلم.