الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن أبوين وشقيقة وإخوة أشقاء وأبنائهم وأخوين لأم وعمين وأبنائهم

السؤال

الرجاء تقسيم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: أب، وأم، وثلاثة إخوة أشقاء، وشقيقة واحدة، وأخوان لأم، وخمسة أبناء أخ شقيق، وعمان شقيقان، وعشرة أبناء عم شقيق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر ـ ولم يترك الميت وارثا غيرهم ـ فإن الذي يرث منهم: هم الأبوان فقط, وأما البقية المذكورون فهم محجوبون حجب حرمان بالأب, فيكون للأم السدس ـ فرضا ـ لوجود جمع من الإخوة، كما قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 11}.

والباقي للأب ـ تعصيبا ـ لقوله صلى الله عليه وسلم: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ.

متفق عليه ـ من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما.

فتقسم التركة على ستة أسهم, للأم سدسها ـ سهم واحد ـ وللأب الباقي ـ خمسة أسهم ـ وهذا على القول بأن الإخوة يحجبون الأم حجب نقصان من الثلث إلى السدس حتى وإن كانوا محجوبين حجب حرمان بالأب وهو قول جمهور أهل العلم وظاهر قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ { النساء:11}.

قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في تسهيل الفرائض: وترث السدس إن كان للميت فرع وارث، أو كان له عدد من الإخوة أو الأخوات أو منهما، لقوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُس {النساء:11}.

ولا فرق بين أن يكون الأخوة ـ ذكوراً أو إناثاً، أو مختلفين: أشقاء أو لأب أو لأم ـ ولا بين أن يكونوا وارثين أو محجوبين بالأب، كما هو ظاهر الآية الكريمة، لأن الله فرض للأم الثلث مع الأب ثم قال: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُس.

فأتى بالفاء الدالة على ارتباط الجملة الثانية بالأولى وبنائها عليها، والأخوة لا يرثون مع الأب، ومع ذلك جعل للأم السدس في هذه الحال، وهذا هو قول جمهور العلماء، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنهم لا يحجبون الأم إلى السدس إذا كانوا محجوبين بالأب، وهو خلاف ظاهر الآية الكريمة. هـ.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني