الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رعاية الأم المريضة مقدم على تعليم القرآن

السؤال

لدي أخت متخرجة من الجامعة وحاصلة على دبلوم ـ دراسات عليا في التجارة ـ وهي الآن تعمل في شركة خاصة، والموضوع يتمثل في كونها التحقت بمدرسة قرآنية لتعلم أصول تجويد القرآن إلى أن أصبحت تدرس بدورها القرآن للأطفال بمدرسة قرآنية أخرى ـ والحمد لله ـ
والمشكلة هي: أن أمي مريضة ومرضها يتطلب رعاية ـ انهيار عصبي متواصل ـ فطلبنا من أختي أن تظل بجانبها يوم الأحد ـ يوم الإجازة الأسبوعية ـ وهو اليوم الذي تدرس فيه الأطفال، مع العلم أنها تزاول ـ أيضا ـ تعليمها القرآني يوم السبت
فرفضت ذلك ـ قطعيا.
أخي الكريم: أختي تقطن معنا في المنزل وتشتغل كامل أيام الأسبوع ـ بما في ذلك السبت والأحد ـ ولا نراها إلا باليل، ووالدتي دائما وحيدة، وكلنا نشتغل، حتى إننا بحثنا عمن يبقى معها فلم نجده، ونريد ـ على الأقل ـ من أختي أن تبقى معها يوم الأحد وتهتم بها، وتحافظ على دراستها يوم السبت، أخي الفاضل: هل الأم التي أنجبت وذاقت الأمرين من أجل أبنائها ـ والتي رضا الله من رضاها ـ أولى؟ أم تدريس الصغار يوم الأحد؟.
أرجوالرد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن حق الأم عظيم، وبرّها من أوجب الواجبات، كما أنّ عقوقها من أكبر الكبائر، ولاسيما إذا كان في حال ضعفها ومرضها، قال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا {الإسراء: 23}.

وخدمة الأمّ ورعايتها واجبة على أولادها جميعاً، إمّا أن يوفروا لها من تقوم بخدمتها، وإما أن يقوموا بخدمتها بأنفسهم، فإذا كنتم لا تجدون من تقوم بخدمة أمكم، فالواجب عليكم القيام بذلك بالتناوب فيما بينكم، ولا يجوز لأختكم الامتناع من رعاية أمّها في نوبتها، ولا عذر لها في انشغالها عن هذا الأمر بتعليم القرآن، فإنّ تعليم القرآن ـ وإن كان من أفضل الأعمال ـ ليس بفرض متعين على هذه البنت، أمّا برّ أمّها ففرض متعين عليها. فعليها أن تتقي الله ولا تتبع هواها، ولتعلم أنّها إن كانت صادقة في طلب مرضاة ربها والفوز بالجنة فعليها أن تلزم قدمي أمّها، فعن معاوية بن جاهمة السلمي: أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال :هل لك من أم؟ قال نعم، قال: فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها. رواه النسائي، وقال الألباني: حسن صحيح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني