الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام اقتداء المسافر بمقيم يصلي صلاة ثنائية

السؤال

أنا صاحب السؤال رقم 1254302وقد طالعت الفتاوى التي أحلتموني عليها وليست هي في موضوع السؤال، فأنا أعلم أن المسافر إذا ائتم بمقيم يجب عليه الإتمام، ولكن كان سؤالي فيما إذا ائتم المسافر بمقيم يصلي صلاة ثنائية كالصبح قضاء، أو راتبة الظهر مثلا فهل يلزمه الإتمام بناء على أنه مقيم أم يقصر بناء على تساوي عدد ركعات صلاته مع عدد ركعات الصلاة التي يصليها الإمام. أرجو أن يكون السؤال واضحا وأن تكون الإجابة مدعومة بكلام العلماء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه المسألة لا تأتي إلا على مذهب الشافعية ومن وافقهم من العلماء كالعلامتين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله، القائلين بأن اختلاف النية بين الإمام والمأموم لا يؤثر، فيجوز ائتمام المفترض بالمتنفل وبمن يصلي فريضة أخرى، وهذا القول هو الراجح عندنا كما في الفتوى رقم: 129381وما أحيل عليه فيها.

وقد اختلف فقهاء الشافعية في هذه المسألة وعندهم فيها وجهان، والراجح عندهم هو لزوم الإتمام لكون إمامه متما ولا عبرة بتساوي الصلاتين في عدد الركعات.

وقد أشار الرافعي إلى الوجهين في المسألة في شرحه على الوجيز للغزالي فقال ما عبارته: ولو اقتدى في الظهر بمن يقضي الصبح مسافرا كان أو مقيما فهل له القصر؟ فيه وجهان (أحدهما) نعم لتوافق الصلاتين في العدد (وأصحهما) لا، لأن الصلاة تامة في نفسها. انتهى.

وقال النووي في شرح المهذب: ولو نوى الظهر مقصورة خلف من يصلى العصر مقصورة جاز له القصر بلا خلاف لأنه لم يقتد بمتم، ولو نوى الظهر مقصورة خلف من يقضي الصبح فثلاثة أوجه (أصحها) باتفاقهم لا يجوز القصر وبه قطع الشيخ أبو حامد والبندنيجي والقاضي أبو الطيب والأكثرون لأنه مؤتم بمتم. (والثاني) يجوز لاتفاقهما في العدد حكاه البغوي وغيره. (والثالث) إن كان الإمام مسافرا فللمأموم القصر وإلا فلا وبهذا قطع المتولي وهو ضعيف جدا لأن الصبح لا يختلف المسافر والمقيم فيها ولو نوى الظهر مقصورة خلف الجمعة مسافرا كان إمامها أو مقيما فطريقان (المذهب) وهو نصه في الإملاء وبه قطع المصنف والأكثرون لا يجوز القصر لأنه مؤتم بمتم (والثاني) إن قلنا هي ظهر مقصورة جاز القصر كالظهر مقصورة خلف عصر مقصورة وإلا فهي كالصبح وممن حكى هذا الطريق البغوي والرافعي، ولو نوى الظهر خلف من يصلي المغرب في الحضر أو السفر لم يجز القصر بلا خلاف ذكره البغوي وغيره. انتهى.

وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: ورابع الشروط عدم اقتدائه بمن جهل سفره أو بمتم كما قال ( ولو اقتدى بمتم ) مسافر أو مقيم أو بمصل صلاة جمعة أو صبح أو نافلة ولو ( لحظة ) أي في جزء من صلاته كأن أدركه في آخر صلاته أو أحدث هو عقب اقتدائه به ( لزمه الإتمام ) لخبر الإمام أحمد بإسناد صحيح عن ابن عباس سئل ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعا إذا ائتم بمقيم؟ فقال: تلك السنة. انتهى.

وبه يتبين لك أن في المسألة خلافا عند الشافعية وأن الذي استقر عليه المذهب وصححه فقهاء الشافعية كما رأيت هو الإتمام في هذه الصورة، وأيضا فإن مما يترجح به هذا القول أن القصر في السفر مستحب وليس بواجب في قول الجماهير، ومن ثم فالأحوط الخروج من هذا الخلاف وأن يتم المسافر صلاته خلف المقيم وإن كان المقيم يصلي صلاة مساوية لصلاته التي يؤديها في عدد الركعات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني