السؤال
الإسلام دين عالمي، ولا بد أن يكون هناك حل للعيش بدون أن نجعل الشمس والقمر دليلين على الوقت.
الإسلام دين عالمي، ولا بد أن يكون هناك حل للعيش بدون أن نجعل الشمس والقمر دليلين على الوقت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد شرع لنا الله -سبحانه وتعالى- التوقيت بالأهلة لحكم عظيمة، ومنها:
أنها علامة سهلة ميسرة تناسب جميع المكلفين من الإنس والجن على اختلاف طبقاتهم: علماء وأميين، أهل الحضر، وأهل البادية، والعرب، والعجم، والرجل والمرأة.. ومن خلال الشمس -وهي العلامة الظاهرة للعيان- نعرف بدء النهار ونهايته، وأوقات الصلوات، وتحديدها بدقة وبيسر وسهولة، ومن خلال الهلال نعرف كيف نصوم، وكيف نحج... إلخ. قال تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة:185].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- بشأن الهلال: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم، فصوموا ثلاثين يوماً. رواه مسلم.
وعند النسائي: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحاب، فكملوا العدة. فكلفنا الله -سبحانه-، وجعل رؤية الهلال بعد استتاره آخر الشهر علامة، ولم يجعل لنا علامة لا يعرفها إلا النزر اليسير من الناس.
وعلى هذا جرى العمل زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وزمن الخلفاء الراشدين، والأئمة الأربعة، ومن بعدهم...
قال الإمام ابن تيمية: أجمع المسلمون -إلا من شذ من المتأخرين المخالفين المسبوقين- بالإجماع على أن مواقيت الصوم والفطر والنسك، إنما تقام بالرؤية عند إمكانها، لا بالكتاب والحساب الذي يسلكه الأعاجم من روم وفرس، وهند وقبط، وأهل كتاب، وقد قيل: إن أهل الكتاب أمروا بالرؤية، لكنهم بدلوا. اهـ.
ومن الأدلة على اعتبار الأهلَّة قوله -صلى الله عليه وسلم-: إنَّا أمة أميَّة لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا. رواه البخاري ومسلم. ومعنى (هكذا وهكذا) يعني: مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين. ومعنى (لا نحسب) أي: لا نعرف حساب علم النجوم وتسييرها، فالعمل بقول المنجمين ليس من هدينا، بل إنما ربطت عبادتنا بأمر واضح وهو رؤية الهلال... وفي الإناطة بذلك دفع للحرج عن العرب في معاناة ما لا يعرفه منهم إلا القليل، ثم استمرَّ الحكم بعدهم، وإن كثر من يعرف ذلك.
ثم إن الأخذ بالأهلة لا يتعارض مع عالمية الدين الإسلامي، بل يناسبه تماماً حيث إن كثيراً من الشعوب والبلدان لا تعرف شيئاً عن علم الفلك والنجوم حتى الآن، بينما لا يجدون أدنى مشقة في رؤية الأهلة، وصدق الله -العظيم- حيث يقول: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً [الإسراء:12].
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني