السؤال
هل التمر أو البلح قبل أن يصير تمرا، أو الزبيب أو العنب لو غلي، يحرم أكله؟ فمثلا: الفطائر وبعض أنواع المأكولات يوضع بداخلها أحد هذه الأنوع الأربعة أو غير ها وتوضع فى الفرن فتغلى أثناء طهيها، ومن الممكن أن يكون الطعام فيه ماء، فهل يحرم أكل أي شيء من ذلك؟ وهل لو نقع أي من الأنواع السابقة فى الماء مدة دون أن يتخمر ثم غلي لاستخدامه فى بعض المأكولات فى ذلك شيء؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالنبيذ كما قال ابن الأثير في النهاية: هو ما يعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك، يقال: نبذت التمر والعنب إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذا ـ وسواء كان مسكرا أو غير مسكر، فإنه يقال له نبيذ. هـ.
فهذا يختص بالنقع في الماء، وحكم مثل ذلك أنه لا يكره شربه قبل غليانه أي قبل أن يتحول إلى خمر، وذلك بشرطين:
الأول: أن لا يأتي عليه ثلاثة أيام بلياليهن.
والثاني: أن لا يجمع فيه بين شيئين مختلفين ـ كتمر وزبيب.
فإذا أتت عليه ثلاث أو كان فيه خليطان، كره ولم يحرم، إلا إذا أسكر كثيره، فيحرم ـ عندئذ ـ قليله وكثيره، فعلة تحريم أنواع الأنبذة عند جمهور أهل العلم: هي بلوغه حد الإسكار، وهذا ما يطلق عليه الغليان، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 64613، 19795، 67247.
فإذا عُرف ذلك عرف أن مفهوم الغليان الذي ذكره السائل ـ وهو ما يحصل بالتسخين أو الطبخ ـ غير مفهوم الغليان الذي يتعلق به تحريم النبيذ، فإن المراد به التغير الذي يدل على حصول الإسكار بسببه، وهو أن يصير أسفله أعلاه ويقذف بالزبد، كما ذكر الفقهاء.
وأما أنواع المأكولات المذكورة في السؤال: فهي خارجة عن معنى الانتباذ أصلا، وبالتالي، لا يصح تعليق حرمتها إلا بحصول الإسكار، قال النووي في شرح مسلم في باب كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين: مذهب الجمهور أن هذا النهي لكراهة التنزيه، ولا يحرم ذلك ما لم يصر مسكرا وبهذا قال جماهير العلماء.
وقال بعض المالكية: هو حرام، واختلف أصحاب مالك في أن النهي هل يختص بالشرب؟ أم يعمه وغيره؟ والأصح التعميم، وأما خلطهما (لا) في الانتباذ، بل في معجون وغيره فلا بأس به. هـ.
ونقل ذلك المباركفوري في تحفة الأحوذي: ومنه: أضفنا ما بين القوسين وهو لازم لصحة المعنى، وهذه العبارة الأخيرة نص على التفريق بين الانتباذ وغيره.
والخلاصة أن ما يؤكل أو يشرب من كل الأنواع المذكورة وغيرها لا يحرم منه شيء، إلا إن أسكر كثيره.
والله أعلم.