السؤال
أكرمنا الله بمبلغ كبير في البنك وجبت فيه الزكاة فأخرجناها بالطريقة الآتية: جزء لمعهد الأورام وجزء لكلية القرآن، وجزء اشترينا به لحوما ووزعناها على البوابين في الحي الذى نسكن فيه، ثم علمت أن كل ذلك ليس من مصارف الزكاة، وزوجي غير مقتنع بإخراج الزكاة ثانية نتيجة فتوى سمعها من أحد الشيوخ. ماذا أفعل وجزيتم الجنة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان يجب عليكم أن تسألوا عما يلزمكم وتتحروا ما يجب عليكم فعله قبل أن تتصرفوا في هذا المال، فإن العلم قبل القول والعمل، ثم إن دفعكم الزكاة لكلية القرآن الكريم لا يجيزه أكثر العلماء الذين قصروا مصرف سبيل الله على الجهاد، وهو الأحوط والأولى أن يؤخذ به، وانظري الفتوى رقم: 120547، وأما دفعها لمعهد الأورام فلا يجزئ إلا إذا كان القائمون عليه يختصون بهذا المال أهل الحاجة ومن يستحقون الزكاة فقط، ويتملكها الفقير فتجزئ الزكاة حينئذ على قول بعض العلماء. وراجعي الفتوى رقم: 125953.
وأما دفعها إلى البوابين على هيئة طعام فلا يجزئ إلا إن كانوا فقراء مستحقين للزكاة فيجزئ ما دفع إلى الفقير منهم، وذلك عند العلماء الذين يجوزون إخراج القيمة في الزكاة وهو قول الحنفية، وأما على مذهب الجمهور الذين يمنعون من إخراج القيمة في الزكاة فما فعلتموه لا يجزئ عندهم بكل حال، ولمعرفة حد الفقير المستحق للأخذ من الزكاة راجعي الفتوى رقم 128146.
ثم إن كان هذا المال ملكا لك أو لك فيه نصيب فالواجب عليك إخراج ما وجب عليك من الزكاة فيه إذا تبين لك أن ما مضى لم يجزئك، فإن الزكاة دين في الذمة لا يبرأ المكلف إلا بدفعها لمستحقها، وأما إن كان المال جميعه ملكا لزوجك فإن كان زوجك قد استفتى من يوثق بعلمه ودينه وكان قد صور له المسألة على وجهها فأفتاه بأنه لا شيء عليه فلا حرج على زوجك في الأخذ بفتواه، وأما إن كان استفتى من لا يوثق بعلمه ودينه، أو كان قد صور للمفتي المسألة على غير وجهها، أو كان قصر في فهم كلام المفتي وحمله على غير وجهه، فعليك أن تناصحيه وتذكريه بالله عز وجل، وتبيني له أن مخالطة الزكاة للمال تعرضه للتلف وتمحق بركته، وأن إخراج زكاته يزيده وينميه، وقد روي في الحديث: ما خالطت الصدقة مالا إلا أفسدته. صحح إسناده الشيخ أحمد شاكر رحمه الله.
وبيني له أن ما أخرجه من المال صدقة يلحقه ثوابها إن شاء الله ولكن لا تبرأ ذمته من الزكاة المفروضة إلا بدفعها إلى مستحقيها، فإن استجاب لك فبها ونعمت، وإن لم يستجب لك فقد فعلت ما عليك وبرئت ذمتك بذلك.
والله أعلم.