السؤال
هل يشترط للمفعول به اللواط إذا أراد التوبة أن يكون في حد معين من العمر؟ فإن ابن القيم يقول (إلا إذا كان في كبره شرا منه في صغره)
هل يشترط للمفعول به اللواط إذا أراد التوبة أن يكون في حد معين من العمر؟ فإن ابن القيم يقول (إلا إذا كان في كبره شرا منه في صغره)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا في الفتويين: 26148، 101784، وما أحيل عليه فيهما أن جريمة اللواط كبيرة من أكبر الكبائر، وفاحشة من أقبح الفواحش.
ومن فضل الله تعالى على عباده ورحمته بهم أنه فتح لهم باب التوبة من جميع الذنوب بما فيها الشرك الأكبر واللواط. وقبولها منهم في كل وقت من أوقات الحياة، وعلى أي حال ما لم يغرغر العبد أو تطلع الشمس من مغربها قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}. وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه أحمد في المسند، وقال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه أبو داود وغيره.
فهذه النصوص وغيرها كثير تدل على أن مرتكب الفاحشة الفاعل والمفعول به تقبل توبته إذا توفرت فيها شروط التوبة كغيره من أصحاب الجرائم الكبرى.
وكلام ابن القيم رحمه الله لا يقصد منه أن توبة اللائط فاعلا كان أو مفعولا به يشترط لها حد من العمر لا تقبل قبله، وإنما يقصد به أن الغالب على من أدمن على المعصية في صغره حتى شاب على ذلك يندر أن يقلع عنها في كبره أو يوفق لعمل صالح، وربما يكون أسوأ حالا وأكثر شرا.. قال رحمه الله تعالى: وقل أن ترى من كان كذلك في صغره إلا وهو في كبره شر مما كان ولا يوفق لعمل صالح ولا لعلم نافع ولا توبة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {التحريم: 8} .
ثم عقب على ذلك بقوله: والتحقيق في هذه المسألة أن يقال إن تاب المبتلى بهذا البلاء وأناب ورزق توبة نصوحا وعملا صالحا وكان في كبره خيرا منه في صغره وبدل سيئاته بحسنات وغسل عار ذلك عنه بأنواع الطاعات والقربات وغض بصره وحفظ فرجه عن المحرمات وصدق الله في معاملته فهذا مغفور له وهو من أهل الجنة فإن الله يغفر الذنوب جميعا.. انظر الجواب الصحيح.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني