الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوج ابنته بعد التهديد بالانتحار فهل الزواج صحيح

السؤال

حدث أمر لي لم يكن يصدقه أحد ولا يمكن أن يفكر فيه حتى في الخيال، لدى بنت تجاوزت العشرين من عمرها ذات خلق عالي وسمعة طيبة يشهد لها جميع من يعرفها، تحب الفقراء والأيتام لم يذكر يوما أن سمعها أحد قالت فلان قصير أو طويل، لم تخرج باب الدار إلا إلى مدرستها لم تختلط بأحد غير محارمها حياتها التزام بدينها وحبها لأهلها وبيتها ومدرستها، حدثت يوما مشكلة لها لم تكن تعلم بها وشاء الله على إثر هذه المشكلة أن أحبت شابا ولم تره ولكن توطدت العلاقة عن طريق أخواته في المدرسة، وعندما علمت بهذه العلاقة وحاسبتها ووبختها واعتذرت وانتهت المشكلة، وبعد سنتين أو أكثر تفاجأت بأنها قد خرجت معه وتم الاتصال بي بأنهم الآن سويا، تمالكت نفسي ولجأت إلى الله وصليت بعد سماعي لوقع هذه الكارثة وتكلمت مع صاحبها ورفض العودة حتى لو انتحروا إلا إذا تم عقد قرانهم لبعض، واشترط أن يتوفر إمام وشهود لإجراء العقد في بيت أهله ووافقت مجبرا وتم إحضار الشهود والشيخ لإجراء العقد وأنا وحضر وحده وتأكد من وجود الشهود وبعد ذلك جلبها، علما أني في بيتهم وحدي وفى غير مدينتي لأن مدينتي تبعد عنهم مئات الأميال ولم أستطع عمل شيء إلا إذا نفذت ما طلب، وشعرت أن أهله لا يستطيعون فعل شيء تجاهه المهم وافقت مجبرا على إتمام العقد وأخذت ابنتي ورجعت إلى أهلي وستر الله علينا ولم يعلم أحد بالذي جرى سوى أهل بيتي. فسؤالي: هل يصح العقد تحت هذه الظروف؟ وهل يجوز لي قتلها فأنا كنت ناويا قتلها ولكن ترددت مخافة الله؟ وكيف أتعامل مع هذه المشكلة علما أن لديها إخوة وأنا وأمها رفضنا هذا الزواج بأي صيغه كانت ومهما كانت الأسباب والنتائج .... فادعوا لي بالستر على الذي جرى وأن يهديني الله سبيل الرشاد وأن يؤجرني على مصيبتي هذه التي لم أتصور أن أحدا قد أصيب بما أصبت به وصبرت وتحملت تقربا لله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى لنا ولكم الستر في الدنيا والآخرة، ونسأله سبحانه أن يهدينا وإياك سبيل الرشاد، وأن يرزقنا من كل بلاء عافية.

واعلم أن الأصل في تصرفات المكلف النفاذ والصحة، وإنما يكون الإكراه مانعاً من نفاذ تصرفات المكلف إن كان ملجئا وسبق بيان الإكراه الملجئ في الفتوى رقم: 54230.

فهذا التهديد بالانتحار الذي صدر من هذا الشاب لا يعتبر إكراها ملجئا.

وعلى هذا تكون ابنتك قد أصبحت زوجة لهذا الشاب بعد أن عقد له عليها عقد شرعي.

وإن كان كفئا لها، وكانت ابنتك متعلقة به فننصح بإتمام الزواج، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه.

ثم إن هذا خير من أن يبقى معها على علاقة محرمة، وربما كان بإمكانه أن يكون معها على ذلك، فإننا نعيش في زمان كثرت فيه الفتن، نسأل الله لنا ولكم السلامة.

وأما قتلها فلا يجوز لك الإقدام عليه على كل حال، فإن في ذلك خسران الدنيا والآخرة، قال تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا.{النساء 93}.

وفي صحيح البخاري عن بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما. فنوصيك بالإحسان إليها وتوجيهها إلى ما فيه الخير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني