السؤال
أرجو من فضيلتكم عدم إحالتي لفتوى سابقة نظرا لخصوصية الموضوع ..
لقد نويت حج الفريضة هذا العام ان شاء الله ولكن عن طريق ابن عمي الذي يعمل في شركة نقل دولي ولقد تقدمت إلى الشركة للحصول على التأشيرة بصفة سائق ولقد أبلغت الشركة أنني لن أعمل وأنا أريد الذهاب للحج فقط ولقد وافقت الشركة على ذلك ولقد دفعت مبلغا من المال حوالي 14 ألف ليرة سورية أتعاب للشركة وتم حجز جواز سفري عندهم حتى موعد الحج وتمت الموافقة1: ما حكم ذلك علما أن عمري 36 سنة وهي حجة الفرض وربما لن أتمكن من الحج بسبب القرعة ووضعي المالي وأنا متزوج ولدي ثلاثة أطفال.
2: سمعت انه يمنع في السعودية من لا يملك تصريحا من الحج فما حكم إحرامي من الميقات ومع لبس المخيط إن تم منعي علما أنهم أبلغوني أن السفر قبل أيام الحج بعشرة أيام تقريبا والرجوع بعدها بعشرة أيام فماذا أفعل مع مراعاة الفترة الزمنية وهل الكفارة على التخيير..3: لا يوجد لدي المال الكافي لذبح الهدي فماذا أفعل وأي نسك أفضل في حقي من أنساك الحج، الرجاء إن تكرمتم علي بالتفصيل في ضوء وضعي هذا مع مراعاة موضوع لبس المخيط.4: قيل لي إن الشركة سوف تعطيني مبلغ ألف ريال نهاية الحج بالإضافة للنقل والسكن هناك مع العلم أنني أبلغتهم أنني لن أعمل وإنما سأذهب للحج فما حكم هذا المال مع المال المدفوع أسألكم بالله الإجابة وبالسرعة الممكنة وبالتفصيل إن أمكن مع مراعات وضعي هذا ووضعي المالي ويشهد الله أنني أفعل هذا رغبة ورهبة وحبا لله ورسوله وأنا لا أريد الوقوع في المحظورات، والتفقه قبل الذهاب للحج علما أنني استخرت الله قبل هذا كثيرا ثم توكلت على الله فلا تبخلوا علي بالاجابة وبالدعاء الصالح ...........
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك حرصك على الخير ونسأله تعالى أن يأجرك بنيتك الصالحة ورغبتك في زيارة بيته تعالى، واعلم وفقك الله أن الله تعالى لم يفرض الحج إلا على المستطيع، فقال تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ {آل عمران:97}.
وأما غير المستطيع فهو غير مخاطب بالحج، وإن صدقت نيته وصح عزمه على الحج لو أمكنه فربما ينال بنيته تلك ما يناله السائر بسيره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم مرجعه من تبوك: إن بالمدينة رجالا ما قطعتم واديًا ولا سلكتم طريقًا إلا شركوكم فى الأجر حبسهم العذر.
وخروجك للحج بصفتك سائقا دون أن تعمل عملا حقيقيا مما يخشى أن يكون غير جائز، لما فيه من الكذب على الجهات المعنية ومخالفة القوانين المنظمة لشؤون الحج والتعرض لأكل مال لا يحل لأن هذه الريالات الألف إنما تعطى لمن عمل في خدمة الحجيج فعلا، فأخذك لها مع عدم عملك سائقا لا يحل.
فعليك ألا تقدم على الحج بهذه الطريقة وقد عافاك الله عز وجل ولم يوجب عليك ما ليس في استطاعتك، واصبر حتى يتيسر لك الحج بالطريق النظامية وما ذلك على الله بعزيز، نعم لو خرجت مع هذه الشركة سائقا جاز لك الحج لقوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ {البقرة:198}. ولأنك لم تتعرض لمخالفة شيء من القوانين المرسومة المنظمة لشؤون الحج، وحل لك أخذ هذا المال المسؤول عن أخذه لقيامك بالمهمة التي يدفع المال لمن قام بها، وكذا يجوز فيما يظهر لنا أن تذهب للحج إن كانت الجهات المعنية أذنت للشركة بعدد معين من العاملين وكنت واحدا من هؤلاء بغض النظر عما إذا كانوا استعملوك أم لم يستعملوك، وإذا منعت من دخول مكة محرما والحال ما ذكر وأجبرت على لبس المخيط فالبسه ولا إثم عليك وإنما عليك الفدية وهي على التخيير بين صيام ثلاثة أيام وإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وذبح شاة.
وأما عن أفضل الأنساك فللعلماء خلاف فيه والراجح عندنا هو أن التمتع أفضل الأنساك، فإن أحرمت متمتعا بالعمرة إلى الحج ولم تجد ما تشتري به الهدي فإنك تصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت إلى أهلك كما أمر الله تعالى بذلك في قوله: فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ { البقرة:196}.
وإن أحرمت بغير التمتع من الأنساك جاز ذلك فإن أحرمت قارنا فعليك الهدي أو بدله من الصيام وإن أحرمت بالحج مفردا فلا شيء عليك.
والله أعلم.