الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة وأربعة أبناء وسبع بنات

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية :
۞-للميت ورثة من الرجال : (ابن) العدد 4
۞-للميت ورثة من النساء : (بنت) العدد 7 (زوجة) العدد 1
۞- إضافات أخرى : بسم الله الرحمن الرحيمأنا مواطنة عندي عدد أربعة إخوة ذكور وستة إناث، أبي متوفى له ست سنوات و ترك لنا " أربعة بيوت ، محل انتفاع ، محل ملك. وحيث وكلت أمي على هذه الأملاك، قام إخوتي بتأجير البيت الكبير وهو مكون من ثلاثة طوابق، و يقطن أخي الأكبر في الطابق العلوي من البيت هو وأسرته، وقاموا بتأجير باقي البيت بمبلغ 1000 د.ل شهريا لمدة سنة ولم يعطوا لنا شيئا من هذا الإيجار، ولا إيجار باقي المحلات الذي كان يبلغ إجمالي الإيجارات "4800 د.ل " أما بيتنا الآخر فيتألف من أربع شقق، و تقطن أمي إحداها، أما الشقق الأخرى يقطنها إخوتي الثلاثة الآخرون وهم متزوجون، ثم قاموا بتأجير البيت الكبير مرة أخرى لمدة ثلاث سنوات بقيمة 1500 د.ل شهريا .طلبنا نحن البنات ببيع البيت الكبير، وذلك لإتمام مصالح تخصنا، وقد تم تثمين البيت بمبلغ 750 ألف د.ل وكانت حصة كل بنت "43,750 د.ل" ولقد تم رفض بيع هذا البيت بحجة وجود أخي الأكبر في البيت، ولقد اجتمعنا كل الإخوة أن يتم تقسيم إيجار المحلين حسب الفريضة الشرعية شهريا، وإيجار البيت الكبير سنويا ، أن يتم إعطاء حصة كل واحدة من البنات في البيت الكبير، وذلك من مشروع خاص بهم على مدى ست سنوات أو أكثر بقيمة الثمن الأول للبيت، وأريد أن أسأل بعض الأسئلة :- 1) هل يجوز لهم أن يعطونا حقنا في البيت على مدى سنوات طويلة حسب قيمة البيت بالثمن القديم. 2) هل يقع الضرر على أمي أم إخوتي لعدم إعطائنا حقنا لمدة ست سنوات مضت بعد وفاة الوالد مع العلم أن أمي هي التي تستلم إيجار المحلات.3) هل البيت الثاني يعتبر بيت عائلة تلجأ إليه إحدانا عند حدوث مشكلة؟ مع العلم أننا جميعا متزوجات وهل يمكننا بيعه أم لا؟4) هل يوجد طريقة شرعية مناسبة لهذا الإشكال دون بيع البيت؟ 5) لو تم تثمين البيت من جديد وكانت قيمته أعلى من القيمة السابقة هل حصة كل بنت حسب الفريضة الشرعية تزيد أم تبقى القيمة السابقة حتى لو أعطى القيمة المطلوبة بعد ست سنوات؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنقول ابتداء إن ما تعانيه السائلة وأخواتها من حرمانهن من أخذ حقهن من الميراث تعانيه كثير غيرهن من أخواتهن المسلمات في مجتمعات عشش فيها الظلم وعادات أهل الجاهلية الذين كانوا يحرمون الأنثى من الميراث حتى نزل قول الله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا { النساء : 7}

والواجب على إمها وإخوانها أن يتقوا الله تعالى فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، والله تعالى قال: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ { سورة البقرة : 188 }

وإذا لم يعطوا البنات حقهن وافرا فسيأخذنه يوم القيامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... رواه مسلم.

ولتطلع الأخت السائلة إخوانها وأمها على هذه الفتوى عسى أن يتوبوا إلى الله تعالى ويدركوا خطورة فعلهم، والأم مشاركة في الإثم لكونها هي الموكلة على التركة.

والقسمة الشرعية لتركة والدكم إذا توفي عمن ذكر ولم يترك وارثا غيرهم أن يكون للزوجة الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ { النساء : 12 }

والباقي للأبناء والبنات تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ { النساء : 11 }

فتقسم التركة على مائة وعشرين سهما, للزوجة ثمنها , خمسة عشر سهما , ولكل ابن أربعة عشر سهما , ولكل بنت سبعة أسهم, وأما الأسئلة التي أوردتها السائلة فنقول جوابا عنها .

أولا : تعطى البنات من قيمة البيت بالثمن الحالي وليس من الثمن القديم؛ لأن البيت ما زال ملكا للورثة جميعا بمن فيهم البنات، ومن الظلم أن يأخذ البنات بالثمن القديم ويأخذ الأبناء بالثمن الحالي. ولكن إذا ثمن البيت بقيمة في وقت ما وباع البنات نصيبهن في ذلك الوقت على تلك القيمة فليس لهن إلا تلك القيمة، فلو زادت قيمة البيت بعد ذلك لم يأخذن زيادة لأن البيع تم.

ثانيا: الأم والإخوة مشاركون في الإثم، إذ كان واجبا على الأم أن تعطي البنات نصيبهن من الإيجار، وإذا لم تفعل كان واجبا على الأبناء أن يقوموا بذلك لا أن يغمضوا العين عن خطإ أمهم .

الثالث: بيت العائلة الذي تركه الوالد يعتبر من جملة التركة وللبنات حق فيه، فيحق للبنات المطالبة ببيع بيت العائلة لأخذ حقهن منه إذا كان يتعذر قسمته عمليا بين الورثة. وانظري الفتوى رقم: 104153،عن قسمة الأملاك .

رابعا : للبنات الحق في المطالبة بحقهن من البيوت التي يسكنها الأبناء حتى في السنوات الماضية، فيقوم إيجار تلك البيوت ويعطى البنات حقهن من الإيجار، وكون الأبناء يسكنون فيها هذا ليس مبررا لحرمان البنات من حقهن؛ لأن تلك البيوت صارت ملكا للورثة بمن فيهم البنات، فمن سكن فيها كان لبقية الشركاء الحق في أخذ مقابل تلك المنفعة كل على حسب سهامه .

خامسا : للبنات الحق في المطالبة بنصيبهن من أجرة العقارات في السنوات الماضية، ولا حرج على البنات في رفع الأمر إلى القضاء الشرعي إذا تعنت الأبناء في إعطائهن نصيبهن، وليس هذا عقوقا ولا قطيعة رحم، والله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فمن الناس من لا يستجيب لداعي الإيمان، ولكن ينصاع لسوط السلطان.

وأخيرا انظري الفتوى رقم: 66593 ، حول طرق تقسيم الميراث وكذا الفتوى رقم: 114454 .

مع التنبيه إلى أن ظلم الأم لبناتها لا يسوغ لهن عدم برها ولا التساهل في احترامها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني