الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة وابنين وبنتين

السؤال

الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: زوجة، وولدان، وبنتان.
علما بأنه منذ 40 سنة كان والدي ووالدتي يعملان بإحدى الدول العربيــة وكنا نحن أطفالا صغارا وقام الوالد بشراء 70 فدانا من ماله ومال والدتنا وقــام بتوزيعها كالتالي:
1ـ الربع الأول باسم الوالد.
2ـ الربع الثاني باسم الوالدة.
3ـ نصف الأرض بين الأولاد والبنات بالتساوي.
ثم بعد وفاة والدي ـ منذ عامين ـ ترك الأرض موزعة، وتم توزيع الربع الخاص بالوالد على الورثة طبقاً للأحكام الشرعية، وقد اعترض الإخوة ـ الذكور ـ على تلك القسمة، لأن الوالد ساوى بين الولد والبنت في حياته فأرادت والدتي أن ترضي إخوتي ـ الذكور ـ فقامت بكتابة ربع الأرض الخاص بها للولدين وحرمان البنــات ليصبح نصيب الذكر مثل حظ الأنثيين من إجمالي الأرض.
والسؤال هنا هو: هل على الوالد إثم من الناحية الشرعية في التوزيع السابق؟ وهل يحق لوالدتي حرمان البنات من ربع الأرض الخاص بها وكتابته للأولاد ـ كما فعلت؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان توزيع الوالد والوالدة الأرض على الأبناء والبنات على سبيل الهبة ـ أي يملكونها في حياتهم ـ فليس عليهما حرج في ذلك, لأن الوالد مطالب بالعدل في عطيته لأبنائه وبناته, والعدل في الهبة لا يستلزم أن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، بل يتحقق بإعطاء الأنثى مثل نصيب الذكر على قول كثير من الفقهاء وهو المفتى به عندنا، كما في الفتوى رقم: 126473.

وإذا حاز الموهوب لهم الأرض في حياة الواهب فإنها تصير ملكا لمن أعطيت له.

وأما إعطاء الأم نصيبا للأبناء دون البنات، فهذا لا يجوز، لأنها مطالبة بالعدل على سبيل الوجوب، كما بيناه في الفتوى المشار إليها آنفا، وليس من العدل أن تعطي الأبناء دون البنات.

ومن توفي عن زوجة وابنين وابنتين ولم يترك وارثا غيرهم، فإن للزوجة الثمن ـ فرضا ـ لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ.

{ النساء: 12}.

والباقي بين الأبناء والبنات ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.

{ النساء: 11 }.

فتقسم التركة على ثمانية وأربعين سهما, للزوجة ثمنها ـ ستة أسهم ـ ولكل ابن أربعة عشر سهما, ولكل بنت سبعة أسهم .

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني