السؤال
هل تجوز لي صلاة ركعتي تحية المسجد، ثم ركعتي سنة الوضوء، ثم ركعتين أو أربع سنة قبلية للصلاة المفروضة أم لا؟ لأن أحد الأشخاص أخبرني أن الصلاة بعد الأذان لا يجوز منها إلا السنن والرواتب، أما تحية المسجد وسنة الوضوء فلا تجوز، أما قبل الأذان فتجوز باستثناء السنن والرواتب.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي غير صلاة الفجر لا مانع من صلاة تحية المسجد وركعتي الوضوء والسنن الراتبة بعد الأذان، ولا يوجد دليل شرعي ـ فيما نعلم ـ يدل على التحريم، ولا أحد من أهل العلم أفتى بتحريم ذلك، وإنما ورد النهي عن التنفل بعد أداء صلاة العصر، وليس بعد الأذان, قال ابن قدامة في المغني: وَالنَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ، فَمَنْ لَمْ يُصَلِّ أُبِيحَ لَهُ التَّنَفُّلُ، وَإِنْ صَلَّى غَيْرُهُ, وَمَنْ صَلَّى الْعَصْرَ فَلَيْسَ لَهُ التَّنَفُّلُ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ أَحَدٌ سِوَاهُ, لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ. هـ.
وأما صلاة الفجر: فقد ذهب الحنابلة ـ في المشهور من مذهبهم ـ إلى المنع من الصلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر، فلا تصلى سنة الوضوء وتحية المسجد وغيرها من صلوات التطوع في وقت النهي ـ سواء بعد طلوع الفجر أو بعد أداء العصر: قال ابن قدامة: فَأَمَّا قَضَاءُ السُّنَنِ فِي سَائِرِ أَوْقَاتِ النَّهْيِ، وَفِعْلُ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الَّتِي لَهَا سَبَبٌ ـ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ ـ فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. هـ.
وقد اختلف الفقهاء في النهي عن الصلاة بعد الفجر: هل هو بعد طلوعه أم بعد أداء صلاة الفجر على قولين؟ قال ابن قدامة في المغني: فَأَمَّا النَّهْيُ بَعْدَ الْفَجْرِ فَيَتَعَلَّقُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَبِهَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّ النَّهْيَ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ ـ أَيْضًا ـ كَالْعَصْرِ، وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيِّ. هـ.
والخلاصة: أن تحية المسجد وسنة الوضوء تصلى بعد الأذان اتفاقا، إلا بعد أذان الفجر فقد اختلفوا في أدائها والمفتى به عندنا جواز فعلها بعد دخول الفجر، لأنها من ذوات الأسباب, وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 11107، 126372، 53450
والله أعلم.