الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من العقوق مخالفة رغبة الوالدين في الزواج

السؤال

تعرفت على فتاة عن طريق الأنترنت، وتقابلنا بعد أن تكلمنا لمدة عامين خلال تواجدها بمصر، حيث إنها مصرية مقيمة بالخارج، وشعرنا بمشاعر تربط بيننا، ولكن قررنا بعد أن تقابلنا أن نوقف تلك العلاقة غير الشرعية، مع ملاحظة أن خطأنا أننا تقابلنا فقط، وفي حضور أختها الصغيرة وبنت عمها الكبيرة، وقررنا أن لا يقابل أحدنا الآخر حتي تتم خطبتنا، وتصبح العلاقة شرعية، ولكننا كنا نتحدث على الأنترنت وعندما أخبرت أبي رفض بشدة حيث إن الأمر بدأ بداية خاطئة وأننا خناه هو وأباها، فقررنا قطع الاتصال بيننا أملا في أن نحاول أن تنتقل تلك العلاقه إلى علاقة شرعية، ونحن نؤمن إيمانا تاما بخطئنا وتبنا منه، فهل الخطأ في البداية يستوجب إنهاء العلاقة؟ في حين أن كل ابن آدم خطاء، علما بأن عمري: 23 عاما وعمرها: 18 عاما، وأعلم أن الخطأ الأكبر يقع علي وأنا معترف بذلك، لأنني كنت أمر بفترة من البعد عن الله أعتقد أنها هي سبب تلك العلاقة، مع ملاحظة أننا خلال تلك الفترة كان كل منا يغير في الآخر، وهذا سبب اكتشافنا لذلك الخطإ الذي وقعنا فيه، وخلال تلك الفترة التزمنا بالصلاة والصيام، وكانت تشجعني على صلة الرحم، وكل الخطإ وجد في طبيعة العلاقة التي آمنا أنها خطأ وقررنا أن نوقفها حتي تصبح علاقة صحيحة.
فهل ذنبنا يترقي إلى مرتبة قطع العلاقة نهائياً وعدم التفكير في الارتباط الشرعي؟ وهل خطؤنا يعد انحرافا تاما عن طريق الصواب ولا يمكن الرجوع فيه؟ وهل ـ كما يعتقد أبي ـ تعتبر هي المخطئة في حين أننا مشتركون في نفس الذنب، وقد قررنا اللجوء إلى الله فهو نعم المولي ونعم الوكيل وسأدعوه ليلا ونهاراً، لأننا أذنبنا، ولكن أدركنا خطأنا وقررنا تصحيحه مع ملاحظة أن أبي مصر على زواجي من إحدى قريباتنا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخفى أنّ التعارف بين الشباب والفتيات ـ ولو كان بغرض الزواج ـ باب للفتنة وذريعة للفساد، وإنما المشروع لمن أراد الزواج من امرأة أن يخطبها من وليها، وتظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها، وانظر الفتوى رقم: 1769.

لكن ما وقعتما فيه من خطإ لا يمنع من زواجك بتلك الفتاة إن كانت ذات دين، كما أنه من المعلوم أنه مهما أذنب العبد ثم تاب فإن الله يتوب عليه، والتوبة الصحيحة تمحو أثر الذنب، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجة، وحسنه الألباني

فالذي ننصحك به ـ إن كانت تلك الفتاة ذات دين ـ أن تسعى لإقناع والدك بزواجك منها، فإن أصر والدك على الرفض فلتنصرف عنها ولتبحث عن غيرها، ما لم يكن عليك ضرر في ترك الزواج بها، فإنّ طاعة الوالدين مقدمة على الزواج من امرأة بعينها، ولا سيما إذا كان رفض الوالد لها له ما يبرره، وتراجع الفتوى رقم: 93194.

أما عن رغبة والدك في زواجك بإحدى قريباتك: فإن كانت صالحة ووجدت في نفسك قبولا لها، فزواجك بها أولى. وأما إذا كانت تلك القريبة غير صالحة أو لم تجد في نفسك قبولا لها، فلا يلزمك طاعة والدك في الزواج منها، قال ابن تيمية: لَيْسَ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْوَلَدَ بِنِكَاحِ مَنْ لَا يُرِيدُ وَأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ لَا يَكُونُ عَاقًّا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِأَكْلِ مَا يَنْفِرُ عَنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَكْلِ مَا تَشْتَهِيهِ نَفْسُهُ كَانَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ وَأَوْلَى، فَإِنَّ أَكْلَ الْمَكْرُوهِ مَرَارَةً سَاعَةً وَعِشْرَةَ الْمَكْرُوهِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى طُولٍ يُؤْذِي صَاحِبَهُ كَذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُ فِرَاقُهُ.

لكن عليك في كل الأحوال بر والدك والإحسان إليه، فإن حقه عليك عظيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني