الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلة الأقارب سيئي الخلق

السؤال

لدي 3 أعمام و6 عمات، ووالدي هوأصغرهم سنا، إلا أنني أحسبه أكبرهم عقلا وتفكيرا، لما لقيه من سوء معاملتهم وصبره عليهم واحتساب أجره عند الله عز وجل، فأعمامي لم يراعوا شرع الله في حق والدي في تركة جدي، واحتجوا بأن ديناً سابقاً قد سدد ولم يتبق شيء، وهذا مناف للواقع.
وسوء معاملتهم لي شخصياً، فإذا لقيت أحداً منهم ولم أقبل يده أو آتيه وأسلم عليه من قريب صار يكشر ويعاتب، مع العلم أن أحداً من أبنائهم لم ولن يقدم قدر هذا الاحترام لوالدي، الشيء الذي يغيظني، ولا أقوم بذلك إلا إرضاء لوالدي، ناهيك عن الحسد والحقد على أي شيء يفعله والدي ـ من ولائم مناسبات وغيرها ـ حيث لا يبدون أي تعاون معنا بعكس ما نفعله معهم.
أما عماتي فلا يكترثن لحالنا، حيث إننا وأعمامنا نسكن متجاورين، فإن أتينا إلى إحداهن لا تعيرنا اهتماماً فأصبح وضع أسرتي كأننا مفروضون عليهم فرضا ناهيك عن النفاق وإبداء مالا يبطنون.
مساحة السؤال لا تسمح لذكر كل الأحداث، وأعيد وأكرر إن والدي يلحان علي أن لا أبدي أي بغض تجاههم وهذا الذي أظنه قد حدث، وإنما لما لاقيته منهم أنا ووالدي قبلي، مع العلم أن هذا ليس طبعي، فوالله إنني في كثير من المواقف والمناسبات التي تتم إهانتي فيها بشكل غير مباشر أجد نفسي ومن خلال تربية والدي لي ومن خلال إصراره أذهب وأعتذر لمن بغى علي.
وسؤالي: هل يلحقني إثم في مقاطعتي لهم؟ بمعنى: لا أخصص وقتا لزيارتهم أو السؤال عنهم، الأمر الذي أجده شاقاً ـ والله ـ على نفسي، وخصوصا أنني أعمل خارج نطاق مدينتي ولا أرجع إلى البيت إلا أسبوعا من كل أسبوعين لأقضيه مع أسرتي.
أرجو إفادتي وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم ـ أخي السائل ـ أن الشرع المطهر يوجب على الإنسان أن يصل رحمه وأقاربه بقدر ما يستطيع وبقدر ما جرى به العرف، ويحذر من قطيعة الرحم وهجر الأقارب لغير عذر شرعي لا يجوز. وما ذكرته عن أقاربك من الإساءة لكم لا ينبغي أن يكون ذلك حاملا لك على قطيعتهم، ففي صحيح مسلم: أن رجلا قال يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت! فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. هـ.

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.

رواه البخاري.

فالصواب أن تقابل إساءة الأقارب وقطيعتهم بالإحسان والمواصلة، ولا يلزم من ذلك أن تخصص وقتا لزيارتهم وإنما على حسب المستطاع ولو بالاتصال بهم هاتفيا والسؤال عن أحوالهم والاطمئنان عليهم عند عدم القدرة على زيارتهم، وكذا بمد يد المساعدة لهم، مع الاجتهاد في الدعاء بأن يهديهم الله تعالى ويزيل ما بينكم من وحشة ونفور. وانظر الفتوى رقم: 124687عن صلة الأقارب والصبر على أذاهم خير من القطيعة.

والفتوى رقم: 18350عن أدنى درجات صلة الرحم. والفتوى رقم: 100266حول كيفية صلة القريب المؤذي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني