الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من إغضاب الوالد وإتلاف ماله

السؤال

تشاجرت مع أبي، حيث إنه مريض نفسيا بسبب أفعال مؤذية صدرت منه مثل: إيذاء أمي وتكسير أغراض البيت وكثير من المشاكل في البيت ومع الجيران والناس ـ وأثناء المشاجرة كنت أحاول ردعه عن هذه الأفعال فقام بتهديدي بالضرب، فقمت بدفعه، لكي لا يؤذيني ولم أرد أن أضربه، لكنه يتهجم علي بكل شيء يسقط في يده من عصى أو حديدة، فقمت بأخذ هاتفه النقال ومفاتيح سيارته ومبلغ من أمواله: 100 دينار كويتي ـ لكي أردعه عن هذه الأفعال، لكن بدون فائدة، حيث قال لي إذا كنت رجلا مزق المال ـ مما استفزني ـ فقمت بتمزيق المال أمامه ثم هاج علي بالسباب والشتم ثم خرج من البيت واتصل بالشرطة، وعندما حضروا إلى البيت قال لهم اسجنوا ابني، لأنه يضربني ومزق أموالي، لكنهم لما رأوا ملابسي ممزقة وعليها دماء لم يصدقوه، وقدمت لهم أوراقا تثبت أنه مريض نفسيا، فقاموا بنقله إلى مستشفى الطب النفسي ليتعالج من الحالة الهيستيرية التي أصابته، وبعد مضي أسبوع على علاجه في المستشفى قمت بإخراجه وتقبيل رأسه وإرجاع ماله إليه الذي مزقته من حسابي الخاص، والآن أشعر بالذنب، لأنني غضبت ومزقت المال، فكيف أكفر عن ذنبي هذا بتمزيق المال؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى لنا ولكم العافية وإصلاح ذات البين، ونفيدك أن تمزيق الأموال لا يجوز، لما فيه من إضاعة المال وإفساده، ففي حديث الصحيحين: أن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال.

ويزداد الأمر سوءاً إن لم يكن المال لك، وكان سبب ذلك الغضب الذي نهى عنه الشرع إن لم يكن انتصارا لدين الله، ففي حديث البخاري: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مراراً، قال: لا تغضب.

وأما التوبة: فتحصل بالندم والعزم على عدم العود، والإكثار من الاستغفار، فقد قال الله تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا. {النساء:110}.

ويضاف إلى هذا استسماح الوالد والحرص على ما فيه رضاه إن لم يكن محرماً، ثم إن محاولتك بالحكمة والرفق أن تمنع أباك من مخالفة الشرع ـ بإيذاء أمك وتكسير الأغراض ـ يعتبر من بر الأب، ولكن يتعين الحرص على عدم إغضابه أو إهانته، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 110648، ورقم: 79774.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني