الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأولى بالمسلم الانشغال بما يوصله للجنة

السؤال

لم أعرف في حياتي حب أو حنان حتى فقدت الثقة بنفسي. فهل سأحصل عليه في الجنة؟ وهل المشاعر والحب يوجدان بين الرجل والحور العين أم هي علاقة حسية فقط؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن من يدخل الجنة ينال فيها ما يتمناه ويجد فيها ما يشتهيه وزيادة، كما قال تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ. {الزخرف:71}، فلن يشاء فيها أحد شيئا إلا أعطِيه، كما قال تعالى: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ. {النحل:31}، وقال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. متفق عليه. حتى إن من تصيبه النار من عصاة الموحدين ثم يؤذن له بعد ذلك بالخروج منها ودخول الجنة، عندها يقول الله عز وجل له: تمن. فيتمنى حتى إذا انقطع أمنيته، قال الله عز وجل: من كذا وكذا -أقبل يذكره ربه- حتى إذا انتهت به الأماني قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه. رواه الشيخان.

فإذا عُلم هذا عُلم أنه من غير المفيد أن يشغل العبد باله (هل في الجنة كذا؟) هل يمكن أن أجد فيها كذا؟ بل ينبغي أن يكون اهتمامه بتحصيل أسباب دخولها، وعلو درجته فيها، فبهذا ينشغل قلبه ويلهج لسانه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة. رواه البخاري.

وأما بخصوص مسألة السائل، فنقول العلاقة بين الرجل من أهل الجنة وزوجاته من الحور العين أبعد وأعمق من مجرد العلاقة الحسية، فقد خلقن خلقة يُسر بها المرء وينشرح صدره وتهنأ بها نفسه من كل وجه، سواء أكان حسيا أو معنويا، ومن طريف ما يدل على ذلك أن هذه العلاقة لا تبدأ في الجنة بعد دخولها، وإنما هي قائمة من الآن!! فعن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه، قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.

فانظر إلى هذه الغيرة والمحبة المفرطة وستنبئك بما وراءها من علاقة!! وهناك أوصاف أخرى يحسن بالسائل أن يقف عليها مفصلة في كتاب (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح) للإمام ابن القيم رحمه الله. وللفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 5147.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني