الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترك الخطبة قد يكون من اختيار الله الخير للمخطوبة

السؤال

لدي مشكلة: أشعر بضيق شديد واكتئاب، فأنا منذ سن السادسة وأنا أخاف من الدنيا، أشعر أن الكوارث والمصائب ستأتي علي، وفعلا ما توقعته حدث، فقد فقدت أعز الأحباب، فقدت من يشعرونني بالحب والأمان، وهما أبي وأمي، كانا أغلى شيء في حياتي، من هنا أدركت أن الدنيا لا قيمه لها، لا يوجد فيها من يحبك بإخلاص، فمع الغم من بلوغي سن السادسة والعشرين إلا أنني أشعر أنني بداخلي طفلة، أريد من يعطف علي، من يحبني، من يشعرني بالأمان في هذه الدنيا الغادرة، فلم أجد أحدا من أقرب الناس -أهلي- يشعرني بما أفقده، فقد كانت والدتي هي كل حياتي، هي الحنان، هي الحب، هي الحضن الدافئ، هي الأمان، فقررت أن أعيش في هذه الدنيا مع انتظار الموت، فهو قادم لا محالة، وبنيت حياتي على هذا.
يا شيخ في شيء أريد أن أقوله لك، أنا تقدم لخطبتي ابن عم أبي، وقد صليت استخارة، وقد تمت خطبتي، ففي اليوم السابع من خطبتي تركني خطيبي بدون سبب، فشكرت الله على ما قدره لي، ولكن شعرت بضيق شديد وحزن عندما بعث يطلب شبكته دون أن يشعر بأنه أهانني وأهان كرامتي. بالله عليك ماذا أفعل في موضوع الشبكة، فأخي مصمم أن يقوم بعمل قعدة عرب، ويأخذ حقي، ويرد لي كرامتي، وفي النهاية يتنازل عن الشبكة، ويقول لا تلزمني. وأخي مصمم على هذا. أما أنا فرافضة أن أعطيهم الشبكة. بالله يا شيخ انصحني كأب يرشد ابنته وليس كشيخ يجيب على سائله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دام هذا الخاطب لم يعقد عليك، فلا حقّ لك فيما دفعه لك مما يعرف بالشبكة، ولا يجوز لك أو لأهلك الامتناع من أدائها إليه، وإلا كان ذلك أكلا لأموال الناس بالباطل، وذلك لأن "الشبكة" في العرف الغالب جزء من المهر، وحتى لو كانت هدية منه وليست من المهر، فهي مبذولة بسبب الزواج ، فالراجح حينئذ أنه يستردها إذا لم يتم الزواج، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 122345.

واعلمي أن ترك هذا الخاطب لك ليس فيه إهانة لك أو تنقيص من كرامتك ، بل قد يكون خيرا لك ، فلعل الله أراد بك خيرا بصرفه عنك، ولعل الله يعوضك خيرا منه. قال ابن القيم : والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليّا. اهـ

وينبغي عليك أن تحسني الظن بالله، وتفوضي أمرك إليه ، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا ، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا ، واعلمي أنّ التفاؤل من صفات المؤمن وهو شعور يمنح الإنسان طاقة نفسية تجعله قادراً على مواجهة الصعاب والتغلب على المشكلات، وهو ينبع من حسن ظنه بالله تعالى، وثقته به وتوكله عليه ، وراجعي الفتوى رقم: 124844

كما أن المخاوف إنما تستولي على القلب الضعيف. أمّا القلب القوي المتصل بالله فهو في أمن وسكينة ، فاحرصي على زيادة إيمانك و تقوية صلتك بربك. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 10800

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني