الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حق الزوجة أن يقيم زوجها عندها كما يقيم مع الأخرى

السؤال

فضيلة الشيخ الفاضل عمري الآن ستون عاماً، وقد تزوجت وأنا في الخمسين زوجة ثانية من سيدة فاضلة أحببتها من قريباتي، كانت رفضتني في شبابي وشبابها قبل 25 عاماً، ثم طلقت من رجل تزوج عليها وأنجبت منه بنتا وولدا، وكانت تعاني من حالة نفسية سيئة بعد طلاقها من زوجها الأول، وتقابلنا وتحرك الحب في قلبي ناحيتها واتفقنا على الزواج رغم معارضة بعض أهلها لطلبي كتمان ذلك الزواج عن الزوجة الأولى التي تقيم في مدينة بعيدة عن مدينتها، وأنا أعمل بالسعودية، وتزوجتها وبعد أسبوعين سافرت لعملي، وهي تعمل مديرة لإحدى المصالح الحكومية بمصر، ورغبت بعد زواجنا أن لا يكون لنا أبناء لظروف وظيفتها وظروف خاصة بها مكتفية بأولادها من طليقها الأول ورعايتهم، وأنا رضيت بهذا، ولفرط حبنا تزوجنا سنة بعقد عرفي حتى تستكمل أوراق طلاقها الرسمية، ثم حولناه لعقد رسمي.
ولقلة إجازاتي فهي لاتتجاوز 45 يوما سنوياً وضعف راتبي الذي كان بين 2000 و 3000 آلاف ريال فقد نالت حوالي 100 يوم خلال العشر سنوات كلها أي بواقع 10 أيام كل عام، والآن مر عام كامل دون أن نلتقي لظروف عملي الجديد، والذي استوجب بقائي 12 شهراً في عملي، واكتفت مني تفضلاً منها بدفع إيجار شقة الزوجية فقط، وهو يعادل 40 ضعف إيجار شقة الزوجة الأولى، وكان لدي أمل أن أستقر بمصر بعد الستين، وأمارس العدل بينهما، ولكن تغير عملي، وأصبح عقدي متواصلاً بعد الستين، وقد لا ينتهي إلا بموتي أي سيظل نصيبها من وقت إجازتي قليلاً ومن دخلي إيجار الشقة، وهذا طبعاً يعرضني لانتقادات كثيرة منها في كل اتصال تليفوني، وتتهمني في كل مكالمة بالتقصير وإهمالها، وأنها لن تسامحني في حقوقها، وحتى الاتصالات مني خلال العشر السنوات قليلة، ولضعف راتبي ولكون أولادي الخمسة يدرسون في الجامعات وراتبي لم يكن يكفي لمصاريفهم، وكنت كثيراً ما أقترض وأسدد، وكنت أرسل المصروفات لهم عند الحاجة؛ لأن ما عندي كان كماء البئر الناضبة، فكلما تجمع شيء أرسلته لهم أو لإيجار شقة الزوجة الثانية، ولكنني أشعر بأنني غير عادل وظالم للزوجة الثانية، بل والأولى أيضاً، فلا عدالة في المبيت ولا النفقة، كما أنه لا تستطيع الزوجة الثانية أن تترك عملها وولديها وتعيش معي في السعودية فترات. ولقد جربت ذلك لمرة واحدة فلم تبق إلا شهراً ومرة عمرة لمدة أسبوعين فقط. وأنا سأظل على حالي الأول وإلى مالا نهاية ولكنني أشعر بالخوف من أن أحشر وشقي مائل يوم القيامة، وأن أنال عقاب الله وعذابه لهذا الوضع المشين، فالعشرة أيام للمرأة أعرف أنها لا تكفي لإشباع غريزتها الجنسية، والمكالمات التليفونية مكلفة وراتبي تناقص ولم يتزايد عما كنت أتقاضاه منذ عشر سنين، وصحيح أن معظم أولادي تخرجوا من الجامعة، ولكن تكاليف زواج بنتين لي يزيد الأمر سوءا. فعلاً أحس بالخوف والرعب من عقاب الله رغم أنني لست مسئولاً عما حدث من تقصير.
فأرجوك يا فضيلة الشيخ أن تنصحني ماذا أفعل؟ وما العمل؟ وكيف أنجو من غضب الله الذي أحسه في الدنيا الآن فلا يستجيب الله لدعائي، وغير موفق في خطواتي، وأعاني من ضنك العيش وعدم الرضا وعدم تيسير كثير من أموري، رغم أنني متميز في عملي ومخلص ومنتج ودائماً في توتر وقلق .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن حقّ زوجتيك عليك أن تعدل بينهما في القسم فتقيم مع كل زوجة كما تقيم مع الأخرى ، وتنفق عليهما بالمعروف، وانظر الفتوى رقم : 132849

فإن أمكنك ذلك فهو واجب عليك تأثم بتركه، أما إذا لم يكن في وسعك ، فينبغي أن تبين ذلك لزوجتك الثانية ، فإن رضيت بالبقاء على هذا الحال فلا حرج عليك حينئذ ولا يلحقك إثم ترك العدل –بإذن الله-، و إذا لم ترض الزوجة الثانية بذلك فالطلاق هو الأسلم لك ويجب أن تعطيها حقوق المطلقة.

وننبه إلى أن الزواج العرفي إن كان المقصود به أن المرأة هي التي تزوج نفسها من غير ولي ، فهذا زواج باطل عند جمهور العلماء ، أما إذا كان المقصود به الزواج الذي لم يوثق عند القاضي لكنه استكمل الشروط من الولي والشهود والإيجاب والقبول فهو زواج صحيح شرعاً ، وراجع في ذلك الفتوى رقم : 5962.

واعلم أن العبد إذا شعر بقلة التوفيق فعليه بتجديد التوبة إلى الله، والمحافظة على الفرائض، واجتناب المعاصي الظاهرة والباطنة حتى يصلح الله أمره ، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ .{الرعد : 11}

وإذا لازم العبد التقوى فسيجد التيسير في أموره ، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق : 4}

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني