الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأدب مع الله واجب متعين

السؤال

السادة الأفاضل: كنت مرة جالسا في أحد المجالس وسمعت شخصا كان يتحدث عن معاناته في الحياة وما تعرض له فيها من الضغوطات، فقال من جملة حديثه ـ بقالو 30 سنة بيمتحني، وأنا صابر ـ ويقصد أن الخالق سبحانه وتعالى يمتحنه منذ ثلاثين عاما، فشعرت أن هذه الكمة وقعت على مسامعي كالرصاص، وأن فيها تعديا من المخلوق لحدوده، واغترارا بنفسه، وقلة أدب مع مولاه الشيء الكثير، فهل تصح هذه الجملة في السياق الذي ذكرت فيه؟.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن اختيار الألفاظ والعبارات اللائقة أمر واجب عند الحديث عن كل ما هو معظم في الشريعة، فضلاً عن الله جل جلاله، وذلك من تعظيم الشعائر، وقد قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ. { الحج: 30 }.

فمراعاة جانب الأدب عند الحديث عن الله تعالى أمر متعين، وقد سبق لنا بيان أن الأدب معه سبحانه يقتضي تحاشي نسبة الابتلاء إليه، وإن كان كل ما يحدث إنما هو بقضاء الله وقدره، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 121825، 135895، 131433.

وإن كان قائل هذه العبارة المذكورة يجمع إلى ذلك اغتراره واعتداده بنفسه على سبيل العُجب، فقد زاد الطين بلة، وقد سبق لنا بيان حقيقة العجب وحالاته وحكمه وعلاجه في الفتاوى التالية أرقامها: 32856، 63817، 64618.

وكذلك إن كان قال ذلك يريد به تزكية نفسه والمن على الله بعمله، فقد أساء إساءة بالغة، حيث يقول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء.

{ النساء: 49 }.

ويقول سبحانه: فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى.

{النجم: 32 }.

قال ابن كثير: أي تمدحوها وتشكروها وتمنوا بأعمالكم.

انتهى.

وقال السعدي: أي تخبرون الناس بطهارتها على وجه التمدح.

انتهى.

وراجع في ذلك الفتويين رقم: 73631، ورقم: 136584.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني