الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى: وَالصَّافَّاتِ صَفّاً

السؤال

أود الاستفسار عن تفسير بعض آيات كتاب الله ...لقد وصف الله تعالى الملائكة الكرام في بداية سورة الصافّات بصيغة المؤنّث : وَالصَّافَّاتِ صَفّاً{1} فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً{2} فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً{3}.بينما حكى سبحانه وتعالى قول الملائكة عن أنفسهم في نهاية السورة نفسها بصيغة المذكّر : وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ{164} وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ{165} وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ{166} فما هو سبب التأنيث للملائكة في مجموعة الآيات الأولى، والتذكير في مجموعة الآيات الثانية؟ جزاكم الله تعالى خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الصافات صفا وصف للجماعات تقديره: والجماعات الصافات. كذا قال ابن جزي.

وأما الصافون فهو وصف لهم باعتبارهم جمع سلامة لمذكر. واعلم أن كون الآية الأولى صفة للملائكة هو مذهب الجمهور وتؤيده الآية الأخرى، وقد ذهب بعض المفسرين لغير ذلك.

قال الشيخ الشنقيطي في الأضواء:

أكثر أهل العلم على أن المراد بـ: {الصافات} هنا، و {الزاجرات}، و{التاليات}: جماعات الملائكة، وقد جاء وصف الملائكة بأنهم صافون، وذلك في قوله تعالى عنهم: {وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون}، ومعنى كونهم صافين: أن يكونوا صفوفا متراصين بعضهم جنب بعض في طاعة الله تعالى، من صلاة وغيرها. وقيل: لأنهم يصفون أجنحتهم في السماء، ينتظرون أمر الله، ويؤيد القول الأول حديث حذيفة الذي قدمنا في أول سورة "المائدة" ، في صحيح مسلم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا، وجعلت لنا تربتها طهورا إذا لم نجد الماء" ، وهو دليل صحيح على أن الملائكة يصفون كصفوف المصلين في صلاتهم...

وممن قال بأن {الصافات} و{الزاجرات} و{التاليات} في أول هذه السورة الكريمة هي جماعات الملائكة: ابن عباس، وابن مسعود، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة؛ كما قاله القرطبي وابن كثير وغيرهما. وزاد ابن كثير وغيره ممن قال به: مسروقا والسدي والربيع بن أنس، وقد قدمنا أنه قول أكثر أهل العلم.

وقال بعض أهل العلم: {الصافات} في الآية الطير تصف أجنحتها في الهواء، واستأنس لذلك بقوله تعالى: {أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن}، وقوله تعالى: {ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه}.

وقال بعض العلماء: المراد بـ: {الصافات} جماعات المسلمين يصفون في مساجدهم للصلاة، ويصفون في غزوهم عند لقاء العدو؛ كما قال تعالى: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني