الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإشهاد على وكالة النكاح وهل هو شرط في صحته

السؤال

وكلت شخصا على أن يكون وكيلي في الزواج وأشهدت على التوكيل شخصا واحدا، فهل يكفي في التوكيل على الولاية شاهد واحد؟ أم لا يشترط الإشهاد على الوكالة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فههنا مسألتان ينبغي التفريق بينهما:

الأولى ثبوت الوكالة في النكاح وما إذا كان يكفي فيه شاهد واحد أم لا، والثانية هي الوكالة نفسها هل ثبوتها شرط في النكاح لمن لم يحضر بنفسه؟.

فأما عن المسألة الأولى: فإن الوكالة في النكاح لا تثبت إلا بعدلين مثلها مثل الأمور التي ليست بمال وهي مما يطلع عليه الرجال، قال في المغني بعد الكلام على الوكالة في المال: ولا تقبل فيما سوى الأموال مما يطلع عليه الرجال لأقل من رجلين، وهذا قول الشافعي، لأن الوكالة إثبات للتصرف.

وأما المسألة الثانية: فينبغي فيها التفريق بين صحة إجراء عقد النكاح دون ثبوت وكالة الشخص الغائب وبين ثبوت النكاح الواقع دون إشهاد على الوكالة لو وجدت في النكاح مناكرة، والذي عليه الجمهور هو أنه لا تلازم بين الأمرين وأن النكاح يصح دون ثبوت وكالة من الطرف الغائب، ولكنه إذا أنكر توكيله، فإن النكاح يكون لاغيا، جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية متحدثا عما إذا كان يشترط الإشهاد على إذن المرأة التي لا يصح النكاح بدون إذنها وبيَّن أن ذلك ليس شرطا، ولكن ينبغي فعله لوجوه، يقول ـ رحمه الله: مسألة: في المرأة التي يعتبر إذنها في الزواج شرعا, هل يشترط الإشهاد عليها بإذنها لوليها أم لا؟ وإذا قال الولي: إنها أذنت لي في تزويجها من هذا الشخص, فهل للعاقد أن يعقد بمجرد قول الولي أم قولها؟ وكيفية الحكم في هذه المسألة بين العلماء؟ الجواب: الحمد لله, الإشهاد على إذنها ليس شرطا في صحة العقد عند جماهير العلماء, وإنما فيه خلاف شاذ في مذهب الشافعي وأحمد, فإن ذلك شرط, والمشهور في المذهبين كقول الجمهور إن ذلك لا يشترط, فلو قال الولي: أذنت لي في العقد, فعقد العقد وشهد الشهود على العقد, ثم صدقته الزوجة على الإذن كان النكاح ثابتا صحيحا, باطنا وظاهرا، وإن أنكرت الإذن كان القول قولها مع يمينها ولم يثبت النكاح, ودعواه الإذن عليها كما لو ادعى النكاح بعد موت الشهود ونحو ذلك, والذي ينبغي لشهود النكاح أن يشهدوا على إذن الزوجة قبل العقد لوجوه ثلاثة:

أحدها: أن ذلك عقد متفق على صحته, ومهما أمكن أن يكون العقد متفقا على صحته فلا ينبغي أن يعدل عنه إلى ما فيه خلاف وإن كان مرجوحا, إلا لمعارض راجح.

الوجه الثاني: أن ذلك معونة على تحصيل مقصود العقد, وأمان من جحوده, لا سيما في مثل المكان والزمان الذي يكثر فيه جحد النساء وكذبهن, فإن ترك الإشهاد عليها كثيرا ما يفضي إلى خلاف ذلك, ثم إنه يفضي إلى أن تكون زوجة في الباطن دون الظاهر, وفي ذلك مفاسد متعددة.

الوجه الثالث: أن الولي قد يكون كاذبا في دعوى الاستئذان. إلى آخر كلامه النفيس.

وإذا صح ما ذكر في حق المرأة فمن باب أولى أن يصح في حق الرجل، لأنه يغتفر في حقه ما لا يغتفر في حق المرأة لكون الطلاق بيده، فهو متمكن من قطع الزوجية متى أراد.

والخلاصة: أن الوكالة في النكاح لا تثبت إلا بعدلين، ولكن ثبوتها ليس شرطا في صحة النكاح وإنما هو شرط في ثبوته ولزومه لو حصلت فيه مناكرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني