الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انفصال الوالدين لا يبيح التقصير في حق أحدهما

السؤال

عمرى الآن 62 سنة وكانت والدتي منفصلة عن والدي بدون طلاق وأنا صغير منذ أن كان عمري 4 سنوات تقريبا وكانت أمي ـ رحمها الله وغفر لها ـ توجهنا دائما إلى كره والدنا حتى كرهناه بالفعل منذ طفولتنا وحتى كبرنا دون أن نراه، أو نتعامل معه ورغم أننا كنا نعرف أنه على قيد الحياة لم نسع إلى رؤيته، أو بره ولا أعلم إن كان هو الآخر سعى، أو لم يسع إلى البحث عنا، أو محاولة رؤيتنا ـ أنا وإخوتي وكانت تصلنا أخبار عنه أن حالته كانت سيئة جدا فلم نحاول ـ أنا أو أحد من إخوتي ـ البحث عنه، أو مساعدته حتى إنني وأنا في العشرينيات من العمر عرض علي أحد الناس أن يأخذني إليه، ولكنني رفضت متأثرا في ذلك الوقت بما كانت تقوله لنا والدتي رغم أنها كانت قد توفيت، والآن بعد أن وصلت إلى هذه المرحلة من العمر أشعر أنني قد ظلمت والدي ولم أقدم له المساعدة في وقت كان يحتاج إليها وكنت قادرا على ذلك في ذلك الوقت وأشعر الآن ومنذ عدة سنوات مضت بأنني قد عققت والدي بشدة ورغم أنني قد قمت بعمل عمرة وحجة عنه فمازلت أشعر بأنني مقصر في حقه تقصيرا شديدا، حيث إننا لم نعرف متى مات؟ وأين؟ ومن تكفل به حين موته؟ ولم يبق من هذه الأسرة غيرى أنا وأخت أخرى تصغرني بسنتين وكنا خمسة ـ ولدان وثلاث بنات ـ ولم نناقش الأمر بيننا على الإطلاق وسيرة هذا الوالد لم تأت بيني وبين إخوتي على مدى العمر غير أنني أعيش الآن في حزن شديد وألم على أنني لم أقدم لوالدي أي شيء وأشعر أنني عققته عقوقا شديدا ولا أعفي نفسي ولا ألقي باللوم على والدتي فقد كان لي الخيار في مساعدته واحتوائه في وقت من الأوقات ولا مجال الآن للبحث عنه، أو عن مكان قبره، أو ما إلى ذلك، لأن كل من يعرف هذه المعلومات قد مات الآن حتى مدينته التى هو منها لا أعرفها ولا أعرف أحدا من أقاربه، فماهي نصيحتكم في ذلك أفادكم الله حتى يغفر لي الله هذا العقوق الذي حدث مني ومن إخوتي لهذا الأب؟ مع العلم أنني أديت عمرة وحجة عن والدتي ودائم الدعاء لها ولأبي بالرحمة والمغفرة ولا أتكلم في هذا الموضوع مع أحد أبدا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمجرد انفصال الوالدين لا يبيح التقصير في حق أحدهما, وإنما تجب المداومة على برهما وطاعتهما في المعروف ولا تجوز طاعة أحد الوالدين في مقاطعة الآخر, فما كان منكم من قاطعة والدكم وهجره على النحو المذكور مع القدرة على الوصول إليه وسداد الواجب نحوه فهو عقوق له, وعقوق الوالدين من أكبر الكبائر لكن من رحمة الله أنه مهما عظم الذنب، فإن التوبة الصحيحة تمحو أثر الذنب, فالواجب عليكم التوبة إلى الله والإكثار من الأعمال الصالحة, واستدراك ما فاتكم من بر والدكم, وذلك بالدعاء له والصدقة عنه وصلة الرحم وإكرام أصدقائه, وعليكم أن تتعرفوا على أقاربكم من جهته حتى تتمكنوا من صلتهم, فقد حث الشرع على معرفة النسب الذي تحصل به الصلة، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر. رواه الترمذي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني