الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استعجال إجابة الدعاء من كيد الشيطان

السؤال

أعاني من مشكلة في الدعاء والظن بالله أي عندما أبدأ بالدعاء أظن أن الدعاء لن يقبل وأنه سيكون عكس الدعاء، لأنني أرى أبي يدعو بصلاح أخي الأكبر وهو مدخن وأحيانا يصلي ومتكبر, فأسمع أبي يصلي بالليل ويدعو بهدايته ولم أر شيئا حصل لأخي وأقول بداخلي لم يقبل من أبي وهو صالح وبار بوالديه وأنا مذنبة ومطلقة نظري إلى الحرام لو دعوت فهل سيقبل دعائي؟ ودائما أخاف أن أدعو، لأنني أخشى أن يكون عكس الدعاء مع أنني أدعو وأقول لنفسي إن ربي كريم وأحاول إقناع نفسي, وأقول إن الدعاء إما أن يرد، أو يرفع أو يدفع مصيبة, وأعلم أن الله يكون عند حسن ظن العبد به, فما الحل؟ وماذا أفعل؟.
أرجوكم أريد الرد في أقرب وقت.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله سبحانه أن يصلح لك الحال والمآل، وأن يوفقك لمرضاته ويصرف عنك كيد الشيطان وشره، واعلمي ـ أيتها السائلة الكريمة ـ أن حسن الظن بالله سبحانه من الطاعات التي أمر الله بها عباده، وأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم، فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول: لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل. رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه.

كما أن إساءة الظن بالله من المعاصي العظيمة، وهي من صفات المشركين والمنافقين، قال سبحانه: وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا {الفتح: 6}.

فالواجب على المسلم إحسان الظن بربه في كل وقت وعلى كل حال، واعلمي أن من الآفات التي يدخلها الشيطان على المسلم آفة استعجال الإجابة، وقد حذر من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء. رواه مسلم.

وأما ما ترين من عدم اهتداء أخيك مع إلحاح والدك في الدعاء له: فهذا لا ينظر إليه على أنه دعاء مردود، بل لعل الله سبحانه أجل إجابة الدعاء لحكمة يعلمها، ثم إنه لا تلازم بين إجابة الدعاء وتحقيق المطلوب، فقد يستجيب الله دعاء عبده، ولكن لا يحقق له خصوص ما يطلبه بدعائه، يدل لهذا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه.

وأما ما تخافين منه من عدم استجابة الدعاء، أو حصول عكس مقصودك، فنقول: هذا من وساوس الشيطان ليثبطك عن هذه العبادة العظيمة، فاصرفي عنك هذه الوساوس واستعيني بالله واستعيذي به من كيد الشيطان الرجيم. ثم عليك أن تبادري بالتوبة إلى الله جل وعلا من معصية إطلاق البصر للحرام وغيرها من المعاصي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني