الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإفرازات التي تخرج بعد انتهاء الحيض هل تؤثر على صحة الحج

السؤال

ذهبت للحج العام الماضي وكنت حائضا ولما طهرت ذهبت وعملت العمرة، لأنني كنت متمتعة ولما انتهيت من العمرة وذهبت إلى سكني فوجئت بأنني لم أطهر بعد رغم أنني استوفيت أيامي المعتادة، ولكن لم يكن دما، بل إفرازات بنية اضطررت بأن أتناول أدوية لتوقيفها وفعلا توقفت ولم أعد العمرة، لأنني خجلت أن أقول ذلك لمن معي من إخوتي، ثم ذهبنا إلى منى وبعدها إلى عرفة وعندما كنا في ثاني أيام التشريق فوجئت بعودة الحيض لأنني أوقفت الحبوب التي كنت أتناولها ولم أكن أعرف أنه يجب أن أستمر في تناولها وأتممت رمي الجمرات وعدنا إلى مكة وعدت لتناول الدواء مرة أخرى وتوقف نزول الدم واستمرت الإفرازات القهوية حتى عدت لبلدي يعني عملت طواف الإفاضة والسعي وزيارة المدينة وصليت بروضة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على هذه الحال وسألت بعض النساء فقلن لي هذه استحاضة، لذلك قمت بإكمال مناسك الحج ولم أسأل أيا من الشيوخ خجلا وأنا في حيرة منذ ذلك الوقت حتى اليوم، أفيدوني، فهل أنا مذنبة، لأنني دخلت روضة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على هذه الحال، علما بأنني استمريت بأخذ الدواء حتى عدت إلى بلادي، وهذه الإفرازات كانت قليلة جدا حتى إنني كنت أغتسل كل حين، لأنني أحسبها قد توقفت.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي ـ أولا ـ أن هذه الإفرازات البنية التي رأيتها بعد مضي زمن الحيض لا تعد حيضا، فإن الراجح عندنا أن الصفرة والكدرة في غير زمن الحيض ليست حيضا، وانظري الفتوى رقم: 117502.

ولكن هذه الإفرازات ناقضة للوضوء، فكان الواجب عليك أن تتوضئي لخروجها قبل أن تطوفي بالبيت، لأن الطواف لا يصح إلا بالطهارة من الحدثين في قول الجمهور، فإن كنت توضأت ثم طفت فطوافك صحيح ـ إن شاء الله ـ وإن رأيت بعد الطواف شيئا من هذه الإفرازات ولم يحصل لك اليقين أنه خرج في أثناء الطواف فالأصل صحة طوافك وأن خروج هذه الإفرازات يضاف إلى أقرب زمن يحتمل خروجها فيه، وهذا يقال في طوافك للعمرة وطوافك للإفاضة، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن. انتهى.

وانظري الفتوى رقم: 29212.

وأما إن تيقنت أن هذه الإفرازات خرجت منك في أثناء الطواف، أو قبله ولم تعيدي الوضوء لخروجها ،فإن طوافك غير صحيح عند الجمهور، والقول الراجح عندنا أن الطهارة شرط لصحة الطواف، لكن قد بينا في الفتوى رقم: 125010، أن الفتوى بالقول المرجوح عند وقوع الأمر وصعوبة التدارك مما سهل فيه كثير من العلماء، ولا حرج في أن تعملي بقول من لا يرى الطهارة شرطا في صحة الطواف وهو اختيار شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ وهو قول له حظه من النظر، وقد بينا طرفا من أدلته في الفتوى رقم: 131118.

والأحوط أن تذبحي هديا بمكة يوزع على فقراء الحرم، فإن مذهب الحنفية ورواية عن أحمد أن الطهارة للطواف واجب يجبر تركه بدم، وانظري الفتوى رقم: 130261.

وليس عليك إثم ـ إن شاء الله ـ في دخولك المسجد النبوي والحال ما ذكر، لأنك لم تكوني حائضا كما بينا.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني