الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم الابن إذا رفض أن يُسكِن أباه بالمدينة ولم يحضر دفنه

السؤال

توفي والدي ـ فإنا لله وإنا إليه راجعون ـ وأنا حزين وأعيش في بلد الغربة وقد كان مريضا فهممت أن أسافرإليه، لكنني لم أوفق للسفر، لأنني قلت في نفسي إن إخواني سيقومون بالواجب ثم بلغني الخبر أنه توفي فطلبت من إخواني الانتظار حتى أذهب إلى البلاد، لكنهم رفضوا وأصروا أن يدفن حالا فطلبت منهم أن يبقوه في الثلاجة في المستشفى فأصروا على دفنه فورا، لأن إكرام الميت دفنه فأصبت بحزن شديد، لأنني سأتأخر عن دفنه يومين بسبب إجراءات السفر فدفن فأشاروا علي أن أبقى في الغربة حتى أوفر لهم المال، لأنهم عاطلون عن العمل فقلت لا بأس، لكنني حزين لأنني لم أشهد دفن والدي، وأنا أستغفر له وأدعو له بالمغفرة والرحمة كثيرا والذي أسعدني أنني سعيت في علاجه وكان يدعو لي كثيرا حتى تدمع عينه، فماذا علي أن أفعل؟ أرشدوني بالتفصيل عن فضائل الأجر الذي يصل إلى الميت ويبرد قبره، فقد أحلتموني على عدة أجوبة وبقيت هناك جزءيات لم يتم الجواب عنها منها:هل علي ذنب إذا لم أحضر جنازة الوالد مع أنني حزين جدا والسبب أن إخواني استعجلوا بالدفن؟ وكنت أنفق على الوالد نفقات لو أنفقها على نفسه وأمه كانت تكفيه، لكنه ينفقها على إخواني البالغين فأصبحت لا تكفيه هذه النفقة، فهل علي إثم؟ وقد طلب مني سكنا في المدينة فلم أعطه، لأن الأولى أن يسكن في القرية، لأنه قد تكثر علي المصروفات في المدينة، ولأن إخواني اتكلوا علي فسوف تتضاعف علي النفقة فأخبرت الوالد أن يسكن في القرية، فهل علي إثم أم لا؟ ورجل ملك مريضا مبلغا من مال الزكاة وأصبحت أقسط على والدي المريض هذا المبلغ لكنه بقي قرابة 30% من هذا المبلغ، فهل أقضي دين والدي من المبلغ المتبقي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يرحم والدك رحمة واسعة, وليس عليك إثم في عدم شهود دفنه, وما فعله إخوتك من تعجيل دفنه كان هو الأولى اتباعا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإسراع بالميت, وأما ما يمكنك به نفع أبيك بعد موته فأفضل ذلك الدعاء له وكثرة الاستغفار له والتصدق عنه والراجح أن كل قربة عملتها وجعلت ثوابها لوالدك أنه ينتفع بذلك ـ إن شاء الله ـ وانظر الفتوى رقم: 111133.

وقد كان ينبغي لك أن تلبي طلب والدك بإسكانه حيث يريد إذا كان ذلك في مقدورك, وإذ لم تفعل فنرجو أن لا يكون عليك إثم ـ إن شاء الله ـ وليس عليك إثم كذلك إذا كنت تدفع إليه النفقة الواجبة ثم لا ينفقها هو على نفسه ويدفعها إلى أولاده, وأما نفقتك عليه في مرضه ونفقتك على إخوتك ودعاؤه لك فنرجو أن يحصل لك ثواب ذلك ويكون لك ذخرا في الآخرة, وأما المبلغ الذي وكلت في دفعه إلى مريض من زكاة المال فلم يكن يجوز لك أن تدفعه إلى أبيك إن كان غنيا ولو بنفقته الواجبة عليكم, قال النووي ـ رحمه الله: المكفي بنفقة قريب، أو زوج ليس فقيرا ولا مسكينا في الأصح. انتهى.

فإذا كان الأمر كذلك، فأنت ضامن لهذا المال الذي وضعته في غير موضعه, ويلزمك أن تدفعه لمستحقه, وانظر الفتوى رقم: 140648

وأما إن كنتم عاجزين عن نفقة علاج أبيكم فلا حرج في أخذه من مال الزكاة والحال هذه، وأما قضاء دينه بما بقي منه فلا يجوز، لأن الراجح عدم جواز قضاء دين الميت من الزكاة، وانظر الفتوى رقم: 138688.

فعليك ـ إذن ـ أن تصرف ما تبقى من هذا المبلغ في مصرفه الذي وكلت في صرفه فيه، أو ترده إلى الموكل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني