السؤال
ابنة عمي حين كانت صغيرة تعرضت لمس، وفقدت قدرتها على التحدث والمشي والرغبة في الأكل، قامت عائلتها بأخذها إلى ضريح مشهور في المغرب يقصده الكثيرون -يهديهم الله- وأقاموا هناك فترة من الزمن علها تشفى، وبعد عودتهم صارت تبخر لها أمها بعض الأشياء، مر زمن وصارت تمشي الطفلة ولكنها بقيت كما هي لا تأكل جيدا ، ولا تتحدث واضحا، حتى المدرسة لم تذهب إليها لأنها كانت تبول ولا تذهب بمفردها إلى المرحاض ، وأبواها لم يريدا إدخالها مدرسة للمعاقين لأنهما لم يأبها بها ، وأسقطوا عنها كل شيء، فلم يعلموها لا الصلاة ولا شيء رغم أنها صارت لا تعاني من المس، هي الآن عمرها عشرون سنة ولكنها لم تصل يوما ولم تعرف شيئا عن الدين، رغم أنها الآن تفهم الكثير عن العالم الذي تركها فيه والداها وهو المنزل، تعرف كل ما يذاع في التلفاز كالأفلام، وتحفظ الأغاني وأسماء المغنيين، وتفهم كل شيء ،أهلها ما يزالون يعتقدون أن ذلك المس ما يزال يسكنها لأنها لا تقدر على الاستواء جيدا ولا تتحدث دائما بشكل واضح ، لكنهم خاصة أمها تجبرها على صوم رمضان رغم أنها لا تصلي أصلا، لا يهتمون بها وتركوها تفعل ما تشاء والطفلة كبرت وصارت شابة وصارت تفهم ما تراه في الأفلام خاصة الحب وتفكر فيه.
السؤال: ما مصير هذه الفتاة؟ من يتحمل المسؤولية فيما حدث لها وما آل إليه وضعها، فهي لا تعرف شيئا عن الدين. هل هي من الذين رفع عنهم القلم ،هل ستحاسب وماذا عن أهلها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دامت هذه الفتاة مدركة لما يحدث لها شأن سائر الناس فإنها تكون مكلفة، حتى وإن كان يعتريها صرع ونحوه مما يذهب العقل فإنها تكون مكلفة وقت صحوها.
ولا شك أن والدي هذه الفتاة يتحملان تبعة ما وصلت إليه من الجهل والتضييع لأمور الدين لأنهم أهملوها ولم يعلموها أمور دينها، وقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا. {التحريم : 6}.
قال القرطبي رحمه الله: فعلى الرجل أن يصلح نفسه بالطاعة، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية. ففي صحيح الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم. وعن هذا عبر الحسن في هذه الآية بقوله : يأمرهم وينهاهم. وقال بعض العلماء لما قال: قُوا أَنْفُسَكُمْ. دخل فيه الأولاد ؛ لأن الولد بعض منه، كما دخل في قوله تعالى: وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ. فلم يفردوا بالذكر إفراد سائر القرابات. فيعلمه الحلال والحرام، ويجنبه المعاصي والآثام، إلى غير ذلك من الأحكام. انتهى.
أما تفريطها هي بعد البلوغ فإنها تتحمل تبعته لأنها صارت بالبلوغ مكلفة.
أما الصلاة التي تركتها في هذه الفترة التي لم تكن تعلم بوجوب الصلاة عليها فهذه لا يلزمها قضاؤها على الراجح.
قال ابن تيمية: من ترك الصلاة قبل العلم بوجوبها فهل يقضي ؟ وفيه ثلاثة أقوال: منها وجهان في مذهب أحمد: أحدهما: أنه لا قضاء عليه بحال بناء على أن حكم الخطاب لا يثبت في حق العبد إلا من بعد بلوغ الخطاب إليه. انتهى.
وتراجع الفتوى رقم:57259، حول خطورة التماس الشفاء من غير الله تعالى.
والله أعلم.